أسباب غزوة بني قريظة

كانت غزوة بني قريظة وحياً من الله -سبحانه- إلى نبيّه، إذ لم تكن تخطيطاً من النبي -صلى الله عليه وسلم- مسبقاً، ولم تكن من مشورة أصحابه -رضوان الله عليهم-؛ وقد كانت هذه الغزوة من النتائج الرئيسية لغزوة الأحزاب، فقد نكثت اليهود الصلح مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذه الغزوة، وتحالفت مع الأحزاب في غزو المدينة المنورة؛ فكان جزاؤهم من جنس أفعالهم.[١]


ومن الجدير بالذكر أنّ حييّ بن أخطب مع جماعة من يهود بني النضير قام بتحريض الأحزاب على المسلمين، ثم عمدوا إلى بني قريظة يحرّضونهم على نقض العهد مع النبي -صلى الله عليه وسلم-، فوقع المسلمون نتيجة لذلك في كرب شديد؛ ما بين المحاربين خارج المدينة الذين يحاصرونهم، وما بين اليهود وغدرهم في الداخل، حتى أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- خاف على النساء والأطفال من مكرهم وخداعهم، فأرسل من المسلمين من يحرسهم؛ ولمّا انتهت غزوة الأحزاب، ووضع المسلمون السلاح؛ جاء جبريل -عليه السلام- إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وأمره بالخروج إلى غزو بني قريظة؛ فنادى بالمسلمين: (لا يُصَلِّيَنَّ أحَدٌ العَصْرَ إلَّا في بَنِي قُرَيْظَةَ).[٢][٣]


غزوة بني قريظة

وانطلق النبي -صلى الله عليه وسلم- بقيادة ثلاثة آلاف مقاتل نحو يهود بني قريظة، وقد كانوا سبعمئة مقاتل بقيادة كعب بن أسد، ورأس اليهود الغادر حييّ بن أخطب الذي أثار الفتنة بين الصفوف؛ وقد كان المسلمون متعبين مما أصابهم في غزوة الأحزاب، ولكنّهم رغم ذلك استجابوا للرسول، وحاصروا حصون بني قريظة؛ الذين دبّ الرعب في قلوبهم، وقد استمرّ حصارهم خمس وعشرين ليلة، لم يكن فيها قتال إلا مواجهات صغيرة بالنبال والحجارة، استشهد على إثرها أحد المسلمين الذي رُميَ بالحجارة من امرأة يهودية.[٤]


وبقي اليهود في حصونهم لا يجرؤون على الخروج للقتال أو المواجهة؛ قال -تعالى-: (لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاءِ جُدُرٍ ۚ بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ ۚ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ)،[٥] ثم عرض عليهم قائدهم الإسلام فرفضوا ذلك، وطلبوا من النبي -صلى الله عليه وسلم- الخروج من ديارهم إلى أذرعات؛ وهي بلد تقع بأطراف الشام؛ لكنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- رفض أن يستسلموا دون أن يشترط عليهم عدّة شروط، فخافوا على أنفسهم وطلبوا تحكيم سعد بن معاذ -رضي الله عنه-؛ الذي كان سيد الأوس، ومن حلفائهم بالجاهلية، ولقد قبل النبي -صلى الله عليه وسلم- تحكيم سعد بن معاذ -رضي الله عنه- الذي حكم عليهم بما يأتي:[٤]

  • أن يقتل مقاتليهم من الرجال؛ إلا ثلاثة منهم كانوا قد أسلموا؛ وهم: ثعلبة بن سعية وأسيد بن سعية وأسد بن عبيد.
  • أن تُسبى -تُأسر- نساءهم وذراريهم.
  • أن تُصادر أموالهم وبيوتهم.


نتائج غزوة بني قريظة

نزل حكم سعد بن معاذ -رضي الله عنه- في بني قريظة؛ فأخذ المسلمون رجالهم في ناحية، وجعل النبي -صلى الله عليه وسلم- عليهم محمد بن سلمة، كما أُخذت النساء والصبيان في ناحية أخرى وجعل النبي عليهم عبد الله بن سلام، ثم بعد ذلك جُمعت أمتعتهم؛ فقد وجد المسلمون الكثير من السيوف والدروع والرماح ونحوها من أمتعة القتال، كما وجدوا العديد من المواشي والجمال والأثاث والغذاء، فأراقوا جرار الخمر وأخذوا ما بقي من المنافع.[٦]


وبعدها كان القتل للمقاتلين وقد أُلقي عليهم التراب في خنادقهم، وقسّم النبي -صلى الله عليه وسلم- النساء والأموال بين المسلمين قسمة الفيء؛ أيّ لله ورسوله الخُمس، والأربعة أخماس الباقية للناس كلٌ حسب نصيبه. وبهذا تخلّص المسلمون من شر دامغ كان يهددهم في المدينة المنورة، ويُشكل الخطر الأكبر على أمنها.[٦]

المراجع

  1. صالح بن طه عبد الواحد، سبل السلام من صحيح سيرة خير الأنام عليه الصلاة والسلام، صفحة 435، جزء 1. بتصرّف.
  2. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عمر، الصفحة أو الرقم:4119، صحيح.
  3. محمد أبو شهبة، السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة، صفحة 406، جزء 2. بتصرّف.
  4. ^ أ ب محمود شيت خطاب، الرسول القائد، صفحة 244-246. بتصرّف.
  5. سورة الحشر، آية:14
  6. ^ أ ب أحمد أحمد غلوش، السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني، صفحة 460-462. بتصرّف.