أحداث ولادة الرسول

وُلِد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في يوم الاثنين من شهر ربيع الأول بعام الفيل، وكانت ولادته في مكة المكرّمة بشعب بني هاشم، ورافق ذلك العديد من الأحداث، ومن أبرزها ما يأتي:[١]

  • النور الذي أضاءت منه قصور الشام

أخبرت والدة الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنّها رأت نوراً خرج من فرجها عند ولادة النبي الكريم، وقد أضاءت بسببه قصور الشام، فقد أخرج الحاكم بإسنادٍ صحيح قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنِّي عندَ اللهِ في أوَّلِ الكِتابِ لَخاتَمُ النَّبيِّينَ، وأنَّ آدَمَ لَمُنجَدِلٌ في طِينتِه، وسأُنبِّئُكم بتأْويلِ ذلك، دَعْوةُ أبي إبْراهيمَ، وبِشارةُ عيسَى قَومَه، ورُؤْيا أمِّي الَّتي رأَتْ أنَّه خرَجَ منها نورٌ أضاءَتْ له قُصورُ الشَّامِ).[٢]


وقيل إنّ رؤيتها لهذا النور كان على الحقيقة، وقيل: ربما كان رؤيا منامية، فيدلّ النور حينها على ولدٍ مباركٍ يخرج منها، والنور إشارةٌ إلى زوال ظلمة الشرك وهداية أهل الأرض، والشام تدلّ على أنّ نور دعوة النبي الكريم سيطوف المشرق والمغرب.[٣]


  • بشارة جدّه بولادته وتسميته بمحمد

لما ولدت السيدة آمنة النبي الكريم أرسلت إلى جدّه عبد المطلب تُبشّره بولادة حفيده، ففرح بذلك فرحاً شديداً، وأخذه ودخل به الكعبة، وشكر الله ودعا لحفيده، وألهمه الله أن يُسمّي النبي محمَّداً، ولم يكن هذا الاسم مألوفاً ومعروفاً عند العرب، ولمّا سألوه عن ذلك قال: "أردت أن يحمده الله في السماء، وأن يحمده الخلق في الأرض".[٤]


وصدق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذْ يقول: (ألَا تَعْجَبُونَ كيفَ يَصْرِفُ اللَّهُ عَنِّي شَتْمَ قُرَيْشٍ ولَعْنَهُمْ؟! يَشْتِمُونَ مُذَمَّمًا ويَلْعَنُونَ مُذَمَّمًا، وأنا مُحَمَّدٌ).[٥]


أهمّ الأحداث قبل ولادة الرسول

كان من أبرز الأحداث قبل ولادة النبي -صلى الله عليه وسلم- بفترةٍ قصير حادثة الفيل، فقد عدّها الكثير من العلماء من شواهد النبوة ودلالاتها،[٦] فكان مولد النبي الكريم بعد حصولها مباركاً على النّاس وعلى العرب، إذ سبق ولادته حصول هذه البركة؛ بركة حماية بيت الله والناس حوله، وذكر العديد من العلماء أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- وُلِد بعد خمسين يوماً من هلاك أصحاب الفيل.[٧]


أحداث ضعفها العلماء عند ولادة الرسول

وردت العديد من الأحداث التي ذكرها بعض أهل العلم في كتبهم، واشتهرت بين النّاس مع أنّها لم تثبت بإسنادٍ صحيح، والروايات المذكورة فيها ضعيفة، وتُسمّى بإرهاصات ميلاد النبي، وهذه الإرهاصات الضعيفة هي: سقوط أربع عشرة شرفة من إيوان كِسرى عند مولد النبي، وانطفاء النار التي كان يعبدها المجوس، وهدْم الكنائس حول بحيرة ساوة، ولكنّ هذه الأحداث لم تثبت.[٨]


وقد علّق الإمام الغزالي -رحمه الله- على ذلك فقال: "وهذا الكلام تعبير غلط عن فكرة صحيحة؛ فإنّ ميلاد محمد -عليه الصلاة والسلام- كان حقا إيذانا بزوال الظلم واندثار عهده واندكاك معالمه،... فلما أحبّ الناس -بعد انطلاقهم من قيود العسف- تصوير هذه الحقيقة، تخيّلوا هذه الإرهاصات، وأحدثوا لها الروايات الواهية، ومحمد -صلى الله عليه وسلم- غني عن هذا كله؛ فإنّ نصيبه الضخم من الواقع المشرّف يزهدنا في هذه الروايات وأشباهها".[٩]

المراجع

  1. صفي الرحمن المباركفوري، الرحيق المختوم، صفحة 45. بتصرّف.
  2. رواه الحاكم، في المستدرك على الصحيحين، عن العرباض بن سارية، الصفحة أو الرقم:4226، صحيح الإسناد.
  3. "شروح الأحاديث"، الدرر السنية، اطّلع عليه بتاريخ 30/8/2023. بتصرّف.
  4. محمد الغزالي، فقه السيرة للغزالي، صفحة 62. بتصرّف.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:3533، صحيح.
  6. "أهم الأحداث التي سبقت مولد المصطفى صلى الله عليه وسلم"، إسلام أون لاين، اطّلع عليه بتاريخ 30/8/2023. بتصرّف.
  7. محمد أبو زهرة، خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم، صفحة 98، جزء 1. بتصرّف.
  8. صفي الرحمن المباركفوري، الرحيق المختوم مع زيادات، صفحة 7. بتصرّف.
  9. محمد الغزالي، فقه السيرة، صفحة 61-62.