التعريف بغزوة تبوك

وقعت غزوة تبوك في شهر رجب من السنة التاسعة للهجرة النبوية، إذ توجّه النبيّ -عليه الصلاة والسلام- مع المسلمين لقتال الروم ومَن معهم من نصارى العرب استجابةً لأمر الله -تعالى- القائل: (قاتِلُوا الَّذينَ لا يُؤمِنونَ بِاللَّـهِ وَلا بِاليَومِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمونَ ما حَرَّمَ اللَّـهُ وَرَسولُهُ وَلا يَدينونَ دينَ الحَقِّ مِنَ الَّذينَ أوتُوا الكِتابَ حَتّى يُعطُوا الجِزيَةَ عَن يَدٍ وَهُم صاغِرونَ)،[١] ذلك بعد أن انقسم دين النصارية إلى عدّة طوائف وفِرق، وانتشر الظلم والاستبداد، وفُرضت الكثير من الضرائب، وقد سُميّت الغزوة بغزوة تبوك نسبةً لموضع وقوعها؛ إذ وقعت أحداثها في منطقة تبوك إلى الشمال من أرض الحجاز، وسُميّت أيضاً بغزوة العُسرة؛ للضيق الذي عاشه المسلمون آنذاك.[٢]


غزوة تبوك دروسٌ وعِبرٌ

دلّت أحداث ووقائع غزوة تبوك على العديد من الدروس والعِبر بيان وتفصيل البعض منها آتياً:[٣]

  • كتب الله -تعالى- العزّة والقوّة والتمكين للمسلمين في كلّ وقتٍ ومكانٍ إن أخلصوا أقوالهم وأفعالهم له -سبحانه- لا إن كثر العدد أو زادت العُدّة، قال -تعالى-: (وَلَيَنصُرَنَّ اللَّـهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّـهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ)،[٤] ويُكتب النصر أيضاً للمسلمين إن اتحدّوا صفّاً واحداً في وجه أعدائهم دون نفاقٍ أو ضعفٍ أو تفرقةٍ بينهم، قال -عزّ وجلّ- واصفاً المنافقين: (لَو خَرَجوا فيكُم ما زادوكُم إِلّا خَبالًا وَلَأَوضَعوا خِلالَكُم يَبغونَكُمُ الفِتنَةَ وَفيكُم سَمّاعونَ لَهُم وَاللَّـهُ عَليمٌ بِالظّالِمينَ).[٥]
  • زرع الثقة بالله في القلوب والنفوس من أعظم أسباب النصر والتمكين للمسلمين، فلا يُشترط في المواجهة مساواة العدد والعُدّة بين الفريقَين، إذ يكفي للنصر الاستعداد للقتال قدر الاستطاعة والثقة بالله والتعلّق به والثبات في القتال، قال عبد الله بن روّاحة: (والله ما نقاتل الناس بعَددٍ ولا عُددٍ، وما نقاتلهم إلّا بهذا الدِّين الذي أكرمنا الله به).
  • ضرورة التمسّك بالقرآن الكريم والسنة النبوية وما فيها من أوامر، إذ إنّ التمسّك بهما وتطبيق أوامرهما من الضروريات التي لا حيد عنها، بالإضافة إلى حراسة الدِّين الحقّ.
  • أهمية الشورى؛ فقد استشار النبيّ -عليه الصلاة والسلام- الصحابة -رضي الله عنهم- بالخروج إلى بلاد الشام ومطاردة الروم بعد انهزامهم في غزوة تبوك، إلّا أنّ عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه- أشار عليه بالرجوع إلى المدينة المنورة وعدم ملاحقة الروم، إذ رأى -رضي الله عنه- أن في دخول بلاد الشام خطرٌ على المسلمين، بالنظر إلى أنّ بلاد الشام ليست صحراويةً كما اعتاد المسلمون، وأنّ أعداد الروم في الشام ومَن حالفهم كبيرةٌ جداً، وقد أخذ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- برأي ابن الخطّاب ولم يكن نصره في تبوك دافعاً له لإلحاق الكثير من الخسائر بالمسلمين إن طاردوا الروم في الشام.[٦]
  • ضرورة إثبات قوّة المسلمين وقدرتهم على عدوّهم؛ فقد مكث النبيّ -عليه الصلاة والسلام- مدّةً طويلةً نوعاً ما في أرض المعركة بعد نصره مع المسلمين؛ ليُثبت قوّتهم على الروم، ويحقّق الأمن والأمان في كلّ المنطقة.[٦]


المراجع

  1. سورة التوبة، آية:29
  2. أكرم العمري، السيرة النبوية الصحيحة محاولة لتطبيق قواعد المحدثين في نقد روايات السيرة النبوية، صفحة 522-525. بتصرّف.
  3. علي القرني، دروس للشيخ علي القرني، صفحة 12. بتصرّف.
  4. سورة الحج، آية:40
  5. سورة التوبة، آية:47
  6. ^ أ ب راغب السرجاني (2010/4/17)، "غزوة تبوك"، قصة الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 25/7/2021. بتصرّف.