كيفَ ماتَ حمزةُ بن عبد المطلب؟

  • يروِي قصّةََ استشهاد سيّد الشّهداء حمزة رضي الله عنه وأرضاهُ قاتِلُه وحشيّ بن حرب في حديثٍ صحيحٍ في البخاريّ؛ فحواهُ: أنّ استشهاد حمزةَ كانَ في غزوةِ أحد في العام الثّالث من هجرةِ المصطفى صلّى الله عليه وسلّم في شهر شوّال؛ إذ كان وحشيّ وقتئذٍ عبداً مشركاً عند جُبير بن مُطعِم -وكانَ الأخير مشركاً لم يكن قد أسلمَ بعد- فأراد جبيرٌ أن يثأر لمقتلِ عمّه طُعيمَة بن عديّ الذي قُتِل على يد حمزةَ في غزوةِ بدر؛ فقال لوحشيّ: "إنْ قتلتَ حمزةَ بعمّي؛ فأنت حرٌّ".[١]
  • فجاءَه وحشي في غزوةِ أحدٍ على حينِ غفلةٍ منه؛ إذ لمّا خرج النّاس للقتال واصطفوا، جاءَ رجلٌ اسمه سباعٌ من قريشٍ؛ فعرضَ المبارزةَ على المسلمين؛ فخرجَ له حمزةُ يبارزُه، وهما في جبلٍ مقابِلَ جبلِ أحدٍ، وإذ بحمزةَ قد شدّ عليه شداً حتّى أضحى كأن لم يكن شيئاً، وقد كان حمزةُ يُقتّل المشركين بسفيه البتّار، وهو رجلٌ لا يحملُ سيفاً إلا قد هزمَ به من أمامَه؛ ثمّ لمّا حانتِ الفرصةُ تابعَ وحشيّ حتّى كَمَنَ لحمزةَ أسفل صخرةٍ لا يُراهُ فيها أحد؛ فلمّا كان قابَ قوسَين أو أدنى من حمزةَ رماهُ بحربتِه فوضَعها في وسطِ صدره بين ثدييه، حتّى أخرجَها من كتِفَيه؛ فوقعَ شهيداً سعيداً.[١][٢]
  • رُئِيَ حمزةُ رضي الله عنه بعد الغزوةِ وقد مُثّل به من المشركين؛ وما ذلِك إلّا انتقاماً من النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وقد دُفن حمزةُ وعبد الله بن جحشِ في القبر ذاتَه؛ إذ حمزةُ هو خالُ عبد الله، ودخل قبرَه أجلّاء الصّحابة مثل: أبي بكر وعمر، وعليّ، والزّبير رضي الله عنهم أجمعين، واستشهد رضي الله عنه وأرضاه عن عمرٍ ناهز تسعاً وخمسين عاماً.[٣]


موقفُ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم من استشهادِ حمزةَ

  • تأثّر النبيّ عليه الصّلاة والسّلام لوفاةِ عمّه الحبيب حمزةَ رضي الله عنه تأثراً شديداً، حتّى وقفَ عِنده بعد الغزوةِ؛ فرأى أنّ بطنه مشقوق، وممُثّل به أيّ تمثيلٍ؛ فما أحبّ أن يراهُ هكذا، إذ هذا ممّا أوجع قلبَه، وآلمَ روحَه الشريفة عليه الصّلاة والسّلام؛ فكانَ حمزةُ من شهداء أحدٍ، بل هو سيّدهم، وكفّنه النبيّ عليه الصّلاة والسّلام كما ورد في الحديث: (أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ كفَّنَ حمزةَ بنَ عبدِ المطَّلبِ في نمرةٍ ، في ثوبٍ واحدٍ).[٤][١]
  • بكى النبيّ الكريم حمزةَ بكاءً مريراً، وذلِك على بكاءِ عمّته صفيّة رضي الله عنها؛ فقد نشجت أيْ تنهّدت بشدةٍ وتردد بكاها في صدرِها بلا انتحابٍ، ونشجَ هو عليه الصّلاة والسّلام، وكانت فاطمة بنت محمّد رضي الله عنها تبكي؛ فكلّما رآها النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بكى على بكائِها.[٥]
  • بقي الحزنُ في قلب النبيّ صلّى الله عليه وسلّم على حمزةَ مدة طويلة، ثم جاءَه وحشيّ مسلماً إلى المدينة؛ ودخل عليه صلّى الله عليه وسلّم؛ فلم يستطع النبيّ أن ينظر لوجهه من شدّة أسفِه وحبّه لعمّه؛ وبدأت عيناه تذرفان لمّا حدّثه عن قتلِه لحمزةَ، كما ورد في الحديث الصّحيح الذي يرويه وحشيّ رضي الله عنه: (قَالَ: حتَّى قَدِمْتُ علَى رَسولِ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَلَمَّا رَآنِي قَالَ: آنْتَ وَحْشِيٌّ؟ قُلتُ: نَعَمْ، قَالَ: أنْتَ قَتَلْتَ حَمْزَةَ؟ قُلتُ: قدْ كانَ مِنَ الأمْرِ ما بَلَغَكَ، قَالَ: فَهلْ تَسْتَطِيعُ أنْ تُغَيِّبَ وجْهَكَ عَنِّي؟)[٦] فما كان من وحشيّ رضي الله عنه إلّا أنْ ثأر لنفسِه بقتلِه لحمزةَ؛ فبعد وفاةِ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قتلَ عدوّ الله مسيلمة الكذّاب، يُكافِئ به حمزةَ.[٧]


شجاعةُ حمزة بن عبد المطلب

كانَ حمزةُ رضي الله عنه بطلاً من أبطال المسلمين، عظيماً من عظمائِهم، شجاعاً جسوراً قوياً في إسلامِه، مِقداماً في ساحاتِ القِتال، لقّبه النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بأسدِ الله وأسد رسولِه، وكان عزيزاً في قومِه، ذا أنفةٍ وشكيمةٍ، شهد بدراً وأبلى فيها بلاءً عظيماً، قاتل زعماء المشركين من قريشٍ فقتلَهم وصرعَهم، حتّى قيل: إنّه هدَّ صفوفهم هداً، وفي أحدٍ كان يُقاتل قتال الأبطال بين يدي النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، بسفيَه -وذاك ممّا رواهُ سعد بن أبي وقّاص رضي الله عنه وأرضاه- وكان يقولُ متبختراً -إذ هذا الموقف يحبّ الله تعالى فيه التّبختر-: أنا أسد الله، إذ كان يسير بفرسِه، وفي يمناهُ سيفٌ، وفي يسارِه آخرٌ يُجابِه بهما أعداء الله ورسولِه صلّى الله عليه وسلّم.[١]


المراجع

  1. ^ أ ب ت ث د إبراهيم بن محمد الحقيل (5/9/2007)، "أسد الله وسيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 20/12/2021. بتصرّف.
  2. صالح بن طه عبد الواحد، سبل السلام من صحيح سيرة خير الأنام صلى الله عليه وسلم، صفحة 371. بتصرّف.
  3. صلاح نجيب الدق (18/5/2018)، "حمزة بن عبد المطلب"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 20/12/2021. بتصرّف.
  4. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:997، حسن.
  5. المقريزي، إمتاع الأسماع، صفحة 167-168. بتصرّف.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن وحشي بن حرب، الصفحة أو الرقم:4072، صحيح.
  7. صالح المغامسي، شرح المدائح النبوية، صفحة 7. بتصرّف.