غزوات الرسول

بعد أن استقر النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه في المدينة المنورة بعد الهجرة إليها من مكة، بدأ المشركون والكفار بشنَّ هجماتهم المتكررة على المسلمين، ولم يتركوهم وشأنهم، بل أخذوا يخططون للقضاء عليهم، وحدثت حروب كثيرة بين المسلمين وأعدائهم، وقد أذن الله -تعالى- للمسلمين بالقتال دفاعاً عن أنفسهم، وحمايةً للدين، قال -تعالى-: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ}،[١] وقد سُميت حروب المسلمين بالغزوات والسرايا، فالغزوة هي كل معركة حدثت بين المسلمين وأعدائهم وشارك فيها النبي -صلى الله عليه وسلم- بنفسه حتى لو لم يحدث فيها قتال، والسرية هي كل مناوشة بين الفريقين ولم يشارك فيها النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى لو لم يحدث فيها قتال أيضاً، وقد اختلفت الروايات في تحديد عدد غزوات وسرايا النبي -صلى الله عليه وسلم- فقيل في الغزوات أنَّ عددها بين خمسة وعشرين إلى سبعة وعشرين، وقيل في السرايا أنَّ عددها بين خمسة وثلاثين إلى سبعة وأربعين.[٢]


عدد الشهداء في غزوات الرسول

لم يتطرق العلماء القدامى ممن كتب في السيرة النبوية والتاريخ والمغازي إلى ذِكر عدد محدد لجميع من استشهد في غزوات الرسول وسراياه، فقد كانوا يكتفون بذكر عدد شهداء كل غزوة أو سرية على حدة، وقد تطرق بعض الكُتاب المعاصرين إلى جمع عدد الشهداء وتحديده بشكل كُلِّي، وقد اختلفوا في هذا العدد بسبب اختلافهم في عدد من قُتل في بعض الغزوات، وبسبب اختلافهم فيمن قُتل في حادثتي بعث الرجيع وبئر معونة، لأنَّهما لم تكونا معركتين بل تمَّ الغدر بالصحابة فيهما، فقيل أنَّ عدد الشهداء الكامل في حروب النبي -صلى الله عليه وسلم- هو مائتان واثنان وستون،[٣] وقيل أنَّ عددهم هو مائتان وتسعة وثلاثون، وقيل هو مائة وتسعة وخمسون فقط.[٤]


تضحيات الصحابة في سبيل الله

لقد قدّم الصحابة -رضي الله عنهم- تضحيات كبيرة من أجل الإسلام، فلم يبخلوا بأي شيء يملكونه، وقدموا كل ما يمكنهم تقديمه من بذل للأرواح والأنفس والأموال في سبيل الله، وقد كانوا يتسابقون إلى الجهاد ونيل شرف الشهادة في سبيل الله، والفوز برضوان الله والجنة، فكانوا يتنافسون في بذل أقصى الجهد للانضمام إلى جيش رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى صغار السن منهم كانوا يحزنون إذا ردهم النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يقبل بهم جنوداً في جيشه لصغر سنهم، وقد كان الصحابة -رضي الله عنهم- يقومون ببطولات نادرة، وتضحيات فريدة، من أجل رفعة الدين ونصرته، وقد سطّرت كتب السير الكثير من المواقف المشرفة لهم، ولدفاعهم عن الإسلام وعن النبي -صلى الله عليه وسلم- وفدائهم له بأرواحهم، وقد مدحهم الله -تعالى- في كتابه العظيم كثيراً، ومن ذلك قوله -تعالى-: {مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا}.[٥][٦]


المراجع

  1. سورة الحج، آية:39
  2. "غزوات الرسول"، قصة الإسلام، 13/1/2020، اطّلع عليه بتاريخ 9/6/2021. بتصرّف.
  3. راغب السرجاني (12/6/2011)، "هل اتسمت حروب النبي محمد بالدموية ؟"، قصة الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 9/6/2021. بتصرّف.
  4. رقم الفتوى: 203374 (9/4/2013)، "عدد الصحابة الذين قتلوا في غزوات النبي صلى الله عليه وسلم وسراياه"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 9/6/2021. بتصرّف.
  5. سورة الأحزاب، آية:23
  6. السيد مراد سلامة (20/2/2021)، "التضحية ومجالاتها في الإسلام"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 11/6/2021. بتصرّف.