شروط صلح الحديبية

اتفق المسلمون بقيادة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكفار قريش على وضع عدّة شروط للاتفاق على الصلح يوم الحديبية؛ وهذه الشروط هي:[١]

  • إيقاف الحرب بين المسلمين وقريش عشر سنوات؛ يأمن فيها الناس، ويُكفّ عنهم الأذى، فلا غدر ولا خيانة.
  • من جاء إلى المسلمين من قريش مسلماً من غير إذن وليّه ردّه المسلمون إليهم، ومن جاء من المسلمين إلى قريش كافراً لم يردّوه إلى المسلمين.
  • فتح المجال أمام القبائل الأخرى للدخول إلى حلف المسلمين أو إلى حلف قريش.
  • أن يرجع المسلمون في العام الذي أقيم فيه صلح الحديبية من غير أداء مناسك العمرة، وأن يعودوا في العام الذي يليه لأدائها دون حمل السلاح إلا ما كان معهم من السيوف؛ بالإضافة إلى إعطائهم مهلة لذلك قُدّرت بثلاثة أيام؛ يخرج فيها المشركون ويدخلها المسلمون.


ردّة فعل المسلمين على صلح الحديبية

رأى المسلمون أنّ شروط الصلح مُجحِفة في حقّهم، وأنّها لا تزيد قريش إلا كبرياءً وغروراً؛ وتساءلوا عن أسباب ذلك، لكنّ لم يجرؤ أحدٌ على السؤال أو النقاش، حتى تقدّم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يسأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك بكل حُرقة: (ألَسْنَا علَى الحَقِّ وهُمْ علَى البَاطِلِ؟ أليسَ قَتْلَانَا في الجَنَّةِ، وقَتْلَاهُمْ في النَّارِ؟ فقالَ النبي: بَلَى، قالَ: فَفِيمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ في دِينِنَا ونَرْجِعُ، ولَمَّا يَحْكُمِ اللَّهُ بيْنَنَا؟).[٢][٣]


وهنا أجابه النبي -صلى الله عليه وسلم- بكل روية وحكمة؛ فقال له: (يا ابْنَ الخَطَّابِ إنِّي رَسولُ اللَّهِ ولَنْ يُضَيِّعَنِي اللَّهُ أبَدًا)،[٢] فلم يقتنع الفاروق عمر؛ وسأله مرة أخرى: (أوَليسَ كُنْتَ تُحَدِّثُنَا أنَّا سَنَأْتي البَيْتَ فَنَطُوفُ بهِ؟)،[٤] فردّ عليه النبي -صلى الله عليه وسلم-: (بَلَى، فأخْبَرْتُكَ أنَّا نَأْتِيهِ العَامَ؟ قالَ: قُلتُ: لَا، قالَ: فإنَّكَ آتِيهِ ومُطَّوِّفٌ به)،[٤] ثم ذهب مغتاظاً إلى أبي بكر الصديق -رضي الله عنهما- فسأله: (يا أبَا بَكْرٍ ألَسْنَا علَى الحَقِّ وهُمْ علَى البَاطِلِ؟ قالَ: يا ابْنَ الخَطَّابِ إنَّه رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ولَنْ يُضَيِّعَهُ اللَّهُ أبَدًا)،[٢]فتوافق بذلك كلام النبي مع كلام صاحبه الصديق، إذ إنّ الثقة المطلة بالله -عز وجل- الذي لن يضيع مكانة المسلمين، ويترك النصر لأعدائهم عليهم.[٣]


وظهرت خيبات الأمل على المسلمين عندما علموا أنّهم سيعودون في هذا العام دون إتمام عمرتهم، فقد خرج إليهم النبي -صلى الله عليه وسلم- يأمرهم بالذبح والتحلل؛ لكنّهم من فرط حزنهم وشوقهم لمكة المكرمة والكعبة المشرفة لم يقوموا بذلك؛ فأشارت أم المؤمنين أم سلمة -رضي الله عنها على النبي -صلى الله عليه وسلم- بأن يتحلل وينحر أمام المسلمين، فيقوموا هم بذلك اتباعاً له؛ وفعلاً لمّا رأى المسلمون فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- انزاح عنهم الذهول، وراحوا يتحللون وينحرون الهدي.[٥]


شروط فتح مكة

لم يضع النبي -صلى الله عليه وسلم- أيّ شروط لفتح مكة المكرمة، إنّما أعطى الأمان لأهلها ولمحاربيها على شرط أن يتركوا السلاح، ويسمحوا بدخول جيش المسلمين المهيب إلى مكة المكرمة؛ فكان يقول -صلى الله عليه وسلم-: (من دخل دارَ أبي سفيانَ فهو آمنٌ، ومن أغلق بابَه فهو آمنٌ، ومن دخل المسجدَ فهو آمنٌ)؛[٦] فتفرق الناس إلى المسجد وإلى الدور يغلقونها على أنفسهم، ولم يحدث قتال في هذا الفتح على إثر ذلك، ولوصية النبي أصحابه بعدم مباشرة القتال؛ فما كان إلا مناوشات قليلة في أحد نواحي مكة المكرمة.[٧]


وقد كان العباس عمّ النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبا سفيان السبب وراء حقن دماء قريش؛ فقد حذّروهم من المقاومة والقتال، وأقنعوهم بطلب الأمان والسلم من النبي -صلى الله عليه وسلم-، كما خوّفوهم من عِظم الجيش وقوته، وكثرة المقاتلين فيه، فما كان من قريش إلا أن خافوا على أنفسهم وسمعوا لما أملاه عليهم رؤساء القوم.[٨]

المراجع

  1. محمد أبو شهبة، السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة، صفحة 333، جزء 2. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن سهل بن حنيف، الصفحة أو الرقم:4844، صحيح.
  3. ^ أ ب راغب السرجاني، السيرة النبوية، صفحة 5، جزء 32. بتصرّف.
  4. ^ أ ب رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن المسور بن مخرمة، الصفحة أو الرقم:2731، صحيح.
  5. محمد الغزالي، فقه السيرة، صفحة 336. بتصرّف.
  6. رواه الإمام أحمد، في المسند، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:2392، رجاله رجال الصحيح.
  7. محمود شيت خطاب، الرسول القائد، صفحة 338-339. بتصرّف.
  8. محمد بن أحمد باشميل، من معارك الإسلام الفاصلة موسوعة الغزوات الكبرى، صفحة 135-137، جزء 8. بتصرّف.