أروى بنت عبد المطلب

هي أروى بنت عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشية الهاشمية عمة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ ذكرها بعض المصنفين ضمن الصحابيّات؛ وذكروا أيضاً معها أختها عاتكة بنت عبد المطلب؛ وحقيقةً لقد تعددت الأقوال في إسلامها؛ فقيل لم يُسلم من عمّات النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا صفيّة أم الزبير، وقيل بل أسلم من عمّات النبي -صلى الله عليه وسلم- صفيّة وأروى بنات عبد المطلب -رضي الله عنهنّ-.[١]


وقد جاء في خبر إسلامها أنّ ابنها طليب بن عمير -رضي الله عنه- لمّا أسلم دخل على أمه، وأخبرها بأمر إسلامه واتباعه للنبي -صلى الله عليه وسلم-، وسألها عمّا يمنعها من الإسلام، وقد أسلم أخوها حمزة بن عبد المطلب -رضي الله عنه-؛ فأخبرته أنّها تريد التّمهل والنّظر، فترى ما تصنع أخواتها فتكون مثلهنّ.[١]


إلّا أنّ ابنها طليب أقسم عليها بالله أن تُسلم، وتتّبع النبي -صلى الله عليه وسلم-، وتشهد أنّه نبي من الله -تعالى-؛ فأعلنت إسلامها ونطقت بالشهادتين، ثم كانت بعد ذلك تحثّ ابنها على نصرة النبي -صلى الله عليه وسلم-.[١]


صفات أروى بنت عبد المطلب

كانت أروى بنت عبد المطلب -رضي الله عنها- إحدى النساء الفضليات في الجاهلية وفي الإسلام؛ فقد كانت راجحة الرأي، شاعرةً مفوّهة فصيحة، عاشت إلى زمن خلافة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-،[٢] ومما ذكر من شعرها ما كان في رثاء النبي -صلى الله عليه وسلم-، حيث قالت:[٣]



أَلاَ يَا رَسُولَ اللهِ كُنْتَ رَجَاءنَا وَكُنْتَ بِنَا بَرَّاً وَلَمْ تَكُ جَافِيَا وَكُنْتَ قَرِيبَاً لِلْقُلُوبِ محَبَّبَاً لِيَبْكِ عَلَيْكَ الْيَوْمَ مَنْ كَانَ بَاكِيَا لَعَمْرُكَ ما أَبْكِي النَّبي وَإِنَّمَا لِقَتْلٍ سَيُصْبِحُ في الصَّحَابَةِ فَاشِيَا تَدُورُ عَلَى قَلْبي لِفَقْدِ محَمَّدٍ هُمُومٌ ثِقَالٌ ذَكَّرَتْني السَّوَاقِيَا أَفَاطِمُ صَلَّى اللهُ رَبُّ محَمَّدٍ عَلَى جَدَثٍ أَمْسَى بِيَثْرِبَ ثَاوِيَا



بعض مواقف أروى بنت عبد المطلب

تذكر المؤلفات أنّ أروى بنت عبد المطلب -رضي الله عنها- كانت تحثّ وتؤيد ابنها طليب على نصرة النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ فكان ابنها أوّل من أدْمى مشركاً دفاعاً عن النبي الكريم، حيث سمع رجلاً مشركاً يشتمّ النبي -صلى الله عليه وسلم-، فأخذ لحي جمل، وضربه به حتى شجّه وأسال دمه؛ فذهب هذا الرجل يشتكي لأمّه أروى مما فعل ابنها؛ فأيّدته وقالت إنّ فعل ابنها إنّما كان نصرة للنبي -صلى الله عليه وسلم-، ونصرة لابن خاله؛ الذي يفديه ويواسيه بدمه وماله.[٤]


وروى بعض أهل السير والتراجم أنّ أبا جهل ومعه جمعٌ من قريش اعترضوا النبي -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم فآذوه؛ فلمّا علم طليب بن عمير -رضي الله عنه- بذلك ذهب إلى أبي جهل وشجّ رأسه، فقام إليه القوم فوثّقوه وأخذوه، فحال بينهم أبو لهب؛ وخلّصه منهم، ثم أخذه إلى أمه أروى -رضي الله عنها-، وقال لها: "ألا ترين ابنك طليباً قد صيّر نفسه غرضاً دون محمد؟"، فقالت له مفاخرة بذلك: "خير أيامه يوم يذبّ عن ابن خاله، وقد جاء بالحق من عند الله".[٥]


وقد تفاجأ القوم بقولها، فسألوها إن كانت قد اتبعت النبي -صلى الله عليه وسلم- وآمنت معه، وتركت دين آبائها، فأجابت أنّها فعلت ذلك، ثم قامت إلى أبي لهب، وطلبت منه أن يُسلم، وأن يعضد ابن أخيه محمد -صلى الله عليه وسلم-، وأن يكون معه في أمره ودعوته، ولكنّ أبا لهب رفض، وانصرف عنها، وتركها على أمرها من الإسلام والاتباع.[٥]

المراجع

  1. ^ أ ب ت ابن الأثير، أبو الحسن، أسد الغابة في معرفة الصحابة، صفحة 6، جزء 7. بتصرّف.
  2. خير الدين الزركلي، الأعلام للزركلي، صفحة 290، جزء 1. بتصرّف.
  3. الجلال السيوطي، المحاضرات والمحاورات، صفحة 63. بتصرّف.
  4. أبو القاسم ابن عساكر، تاريخ دمشق، صفحة 142-143، جزء 25. بتصرّف.
  5. ^ أ ب محمد إلياس الفالوذة، الموسوعة في صحيح السيرة النبوية العهد المكي، صفحة 435-436. بتصرّف.