حمزة بن عبد المطّلب -رضي الله عنه- صحابيٌّ جليلٌ، تربطه بالنبيّ -عليه الصلاة والسلام- صلةٌ وقرابةٌ، وكان له مواقف عظيمةٌ خلّدتها كتب السير والتاريخ، أسهمت في خدمة الدعوة ونصرة الإسلام والمسلمين، واشتُهر -رضي الله عنه- بلقب أسد الله ورسوله، وفيما يأتي حديثه عنه وعن سبب تلقيب النبيّ -عليه الصلاة والسلام- له بذلك، وأبرز مواقفه مع النبيّ -عليه الصلاة والسلام-.


أسد الله: حمزة بن عبد المطلب

هو الصحابيّ الجليل: حمزة بن عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي، وكنيته أبو يعلى، وقيل أبو عمارة، حيث وُلد له: يعلى وعمارة، وأمّه: هالة بنت وهيب بن عبد مناف بن زهرة، ابنة عمّ آمنة بنت وهب أمّ رسول الله -عليه الصلاة والسلام-،[١] ولد ونشأ في مكّة المكرّمة، وكان -رضي الله عنه- في الجاهليّة وبعد الإسلام من رجالات قريش وساداتها، وعُرف بالقوّة والشجاعة.[٢]


وقفات لحمزة مع النبي عليه السلام

كان لحمزة بن عبد المطّلب -رضي الله عنه- مواقف عديدةٌ مع النبيّ -عليه الصلاة والسلام- وفي الدفاع عنه وعن دعوة الإسلام ونصرتها، وفيما يأتي ذكرٌ لأبرز هذه المواقف.


قرابة وصلة حمزة بالنبي

كان حمزة بن عبد المطّلب -رضي الله عنه- عمّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، وأخوه في الرضاعة؛ حيث أرضعته هو والنبيّ -عليه الصلاة والسلام- ثويبةُ مولاة أبي لهبٍ، وهو مقاربٌ للنبيّ -عليه الصلاة والسلام- في السّن؛ حيث تذكر بعض الروايات أنّ حمزة -رضي الله عنه- أكبر من النبيّ -عليه الصلاة والسلام- بسنتين، وأمّ حمزة -رضي الله عنها- كانت ابنة عمٍّ لأمّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام-.[١]


إسلام حمزةً دفاعًا عن النبي

تذكر الروايات أنّ حمزة بن عبد المطّلب -رضي الله عنه- أسلم في السنة الثانية من بعثة النبيّ -عليه الصلاة والسلام-،[١] وكان لإسلامه قصَّةٌ فريدةٌ؛ حيث تنقل كتب السيرة أنّ أبا جهلٍ لقي النبيّ -عليه الصلاة والسلام- عند الصفا؛ فشتمهم وآذاه، وكلّمه بكلامٍ قبيحٍ، وسمعت ذلك جاريةٌ لعبد الله بن جدعان، فلمّا قدم حمزة -رضي الله عنه-، أخبرته الجارية بما فعله أبو جهلٍ بالنبيّ -عليه الصلاة والسلام-؛ فتوجّه حمزة إلى أبي جهلٍ وهو جالسٌ بين قومه؛ وضربه بالقوس على رأسه؛ فجرحه، وقال له: "أتسبّ محمدًا وأنا على دينه"، فلم يجرؤ أبو جهل أن يردّ عليه، وعاد بعدها حمزة إلى النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، وشرح الله -تعالى- صدره للإسلام؛ فأسلم -رضي الله عنه-.[٣]


هجرة حمزة وجهاده

كان حمزة -رضي الله عنه- من المسلمين المهاجرين إلى المدينة المنوّرة، وأمّا عن جهاده؛ فقد كان قائد أوّل لواءٍ عُقد في الإسلام وأرسله النبيّ -عليه الصلاة والسلام-، كما شارك في غزوة بدرٍ وقاتل فيها قتالًا مشرِّفًا؛ حيث تذكر بعض الروايات أنّه قاتل فيها بسيفين، وأبلى بلاءً شديدًا في القتال، كما حضر حمزة -رضي الله عنه- غزوة أحدٍ، وكان استشهاده فيها.[٢]


استشهاد حمزة وحزن النبي

كان استشهاد حمزة -رضي الله عنه- في غزوة أحد، التي وقعت في السنة الثالثة للهجرة، وقصد منها كفّار قريش؛ الانتقام والانتصار لقتلاهم الذين قتلهم المسلمون في غزوة بدرٍ، وفي هذه الغزوة استشهد حمزة -رضي الله عنه-، وسمّاه النبيّ -عليه الصلاة والسلام- فيها: سيد الشهداء،[٤] وقتله وحشي بأمرٍ من سيده الذي أخبره بأنّه سيُعتقه إذا قتل حمزة، فترصّد وحشي لحمزة وتتبعه في غزوة أحدٍ، وقتله يومها، وحزن النبيّ -عليه الصلاة والسلام- على فراق حمزة -رضي الله عنه-، وتأثّر لاستشهاده؛ حتّى أنّه طلب من وحشي بعد أن أسلم ألّا يُريه وجهه، كما جاء في الحديث الذي رواه وحشي -رضي الله عنه- أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قال له بعد أن أسلم: (فَهلْ تَسْتَطِيعُ أنْ تُغَيِّبَ وجْهَكَ عَنِّي؟ قَالَ: فَخَرَجْتُ، فَلَمَّا قُبِضَ رَسولُ اللَّهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- فَخَرَجَ مُسَيْلِمَةُ الكَذَّابُ، قُلتُ: لَأَخْرُجَنَّ إلى مُسَيْلِمَةَ؛ لَعَلِّي أقْتُلُهُ فَأُكَافِئَ به حَمْزَةَ).[٥][٦]


المراجع

  1. ^ أ ب ت أبو الحسن بن الأثير، أسد الغابة، صفحة 67. بتصرّف.
  2. ^ أ ب خير الدين الزركلي، الأعلام، صفحة 278-279. بتصرّف.
  3. محمد أبو شهبة، السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة، صفحة 299-300. بتصرّف.
  4. عبد الإله بن عبد الله السعيدي، قصة الحياة، صفحة 272. بتصرّف.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن وحشي بن حرب، الصفحة أو الرقم:4072 ، حديث صحيح.
  6. صالح بن طه عبد الواحد، سبل السلام من صحيح سيرة خير الأنام عليه الصلاة والسلام، صفحة 371-372. بتصرّف.