روى عمر بن العاص أنه سأل رسول الله يومًا من أحب الناس إليك، فأجابه صلى الله عليه وسلم عائشة، وهو حديث صحيح في صحيحي البخاري ومسلم، وكان هذا قولاً صريحًا من رسول الله أن السيدة عائشة هي أحب الناس إليه، وبالتالي فهي أحب زوجاته إليه، وهذا نص الحديث (أنَّ رَسولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- بَعَثَ عَمْرَو بنَ العَاصِ علَى جَيْشِ ذَاتِ السُّلَاسِلِ، قالَ: فأتَيْتُهُ فَقُلتُ: أيُّ النَّاسِ أحَبُّ إلَيْكَ؟ قالَ: عَائِشَةُ قُلتُ: مِنَ الرِّجَالِ؟ قالَ: أبُوهَا قُلتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قالَ: عُمَرُ فَعَدَّ رِجَالًا، فَسَكَتُّ مَخَافَةَ أنْ يَجْعَلَنِي في آخِرِهِمْ)[١]، ونود التنويه إلى أن حب رسول الله للسيدة عائشة وتمييزها في هذه المحبة الكبيرة، لم يحرم باقي زوجات الرسول من حقوقهن، فقد كان رسول الله قدوة للمسلمين في كل أمور الدين والدنيا وكان عادلًا إذ قال صلى الله عليه وسلم (ومَن يَعْدِلُ إذَا لَمْ أَعْدِلْ)[٢] ، فأما المحبة موضعها القلب ولا يؤاخذ فيها المسلم لأن أمر القلب بيد الله سبحانه وتعالى.


أحاديث تظهر محبة الرسول للسيدة عائشة

فيما يلي مجموعة من الأحاديث من سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، يظهر فيها تفضيله للسيدة عائشة في المحبة:[٣]


حديث كان الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة

أنَّ النَّاسَ كَانُوا يَتَحَرَّوْنَ بهَدَايَاهُمْ يَومَ عَائِشَةَ، يَبْتَغُونَ بهَا - أوْ يَبْتَغُونَ بذلكَ - مَرْضَاةَ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ.[٤]


هذا حديث مختصر لحديث طويل فيه قصة وقعت بين زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم، إذ علم الناس أن السيدة عائشة هي أحب زوجاته إليه، فكان إذا أراد أحدهم أن يهدي إلى رسول الله ادخر هديته لليوم الذي يبيت فيه صلى الله عليه وسلم عند عائشة، فوقعت الغيرة في قلوب زوجات الرسول، ولا بد من التنويه أنه صلى الله عليه وسلم كان يعدل بين زوجاته بما يأتيه من هدايا، إلا أن الغيرة كانت من خروج الهدايا من بيت عائشة رضي الله عنها.


وقد بعثت زوجات الرسول بأم سلمة -رضي الله عنها- لتسأله أن يخبر الناس بأن يهدوه حيث كان في بيوت زوجاته، فأخبرته ثلاث مرات، وقد أعرض في أول مرتين، ثم أجابها في الأخيرة بأن لا تؤذونني بعائشة، وأن الوحي لم يأته عند أي من زوجاته إلا في بيت عائشة.


حديث أن رسول الله كان يسأل في مرض الموت: أين أنا غدًا؟

أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ كانَ يَسْأَلُ في مَرَضِهِ الذي ماتَ فِيهِ: أيْنَ أنا غَدًا؟ أيْنَ أنا غَدًا؟ يُرِيدُ يَومَ عائِشَةَ، فأذِنَ له أزْواجُهُ يَكونُ حَيْثُ شاءَ، فَكانَ في بَيْتِ عائِشَةَ حتَّى ماتَ عِنْدَها، قالَتْ عائِشَةُ: فَماتَ في اليَومِ الذي كانَ يَدُورُ عَلَيَّ فيه في بَيْتِي، فَقَبَضَهُ اللَّهُ وإنَّ رَأْسَهُ لَبيْنَ نَحْرِي وسَحْرِي، وخالَطَ رِيقُهُ رِيقِي.[٥]


في هذا الحديث يظهر مرة أخرى عِظم محبة رسول الله للسيدة عائشة رضي الله عنها، إذ كان صلى الله عليه وسلم ينتظر في مرضه قدوم يوم عائشة لشدة حبه لها، ولما علمت زوجاته بذلك أذن له أن يقيم أينما شاء، فمكث صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة إلى أن قُبض صلوات الله عليه وهو مستند بين نحر وجوف السيدة عائشة.


حديث يظهر عدل رسول الله بين أزواجه

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوة للجميع، وقد عصمه الله -عز وجل- من الخطأ، فكان عادلًا بين الناس، وفي أهل بيته، وما منعه حبه صلى الله عليه وسلم للسيدة عائشة أن يعدل بين زوجاته، وقد ورد حديث عن السيدة عائشة يظهر فيه عدل رسول الله، والذي لا شك فيه، ولا يحتاج لحجة أو إثبات وتاليًا نص الحديث:[٦]


كانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ سَفَرًا، أَقْرَعَ بيْنَ نِسَائِهِ، فأيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ معهُ.[٧]


يفيد هذا الحديث أن رسول الله إذا كان مقبلاً على سفر، وأراد أن يخرج معه أحد من نسائه، جعل بينهن قرعة، وأيٌّ وقع عليها القرعة كانت تخرج معه، وهنا يظهر أن رسول الله ما كان يفضل إحداهن على الأخرى فيما يتعلق بحقوقهن.[٦]


المراجع

  1. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عمرو بن العاص، الصفحة أو الرقم:2384، صحيح.
  2. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:3610، صحيح.
  3. زوجات النبي صلى الله,: ثم عمر بن الخطاب.. "أحب زوجات الرسول إليه. وأقرب الرجال لقلبه"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 23/10/2023. بتصرّف.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:2574، صحيح.
  5. رواه البخاري ، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:5217، صحيح.
  6. ^ أ ب "حب النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة لم يمنعه من العدل بينها وبين سائر أزواجه"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 23/10/2023. بتصرّف.
  7. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:2770، صحيح.