كيف استشهد حمزة بن عبد المطلب؟
استُشهد حمزة بن عبد المطلب -رضي الله عنه- في غزوة أحد، بطعنة رمحٍ غادرة، رماه بها وحشي بن حرب -رضي الله عنه-، ولم يكن حينها قد أسلم، وكان وحشي آنذاك عبداً لجُبير بن مُطعم، فقام جُبير بتحريض وحشي على قتل حمزة، كي ينتقم لمقتل عَمِّهِ طُعيمة بن عدي في غزوة بدر، وعرض جُبير على وحشي أن يقوم بإعتاقه إذا قتل حمزة، وكان وحشي رامياً ماهراً، لا تُخطئُ رميته في الغالب، فدخل إلى أرض المعركة وليس له هدف إلا قتل حمزة، كي ينال حريته الموعودة، وأخذ يُراقب حمزة ويتربص به، مُختبأً خلف الحجارة والأشجار، مُنتظراً اللحظة المناسبة للغدر به، فلما سنحت له الفُرصة، رماه بالرمح فاستقر في أحشائه، فسقط حمزةُ على أرض أُحد شهيداً.[١]
التمثيل بجثة حمزة بعد استشهاده
بعد انتهاء معركة أُحد وسقوط الكثير من شهداء المسلمين، قام المشركون قبل رحيلهم عن أرض المعركة، بالتمثيل بجثث الشهداء، فأخذوا يقطعون الآذان والأنوف، ويشقّون البطون، وكانت نساء المشركين تفعل ذلك أيضاً، وقامت هند بنت عتبة، بالتمثيل بجثة حمزة، فشقت بطنه وأخرجت كبده، وحاولت أكلها، لكنها لم تستغ طعمها، فألقتها، وقد فعلت ذلك لأن حمزة قتل أباها في غزوة بدر، ونذرت أن تأكل كبده إن قدرت عليهن ففعلت.[٢]
حُزن الرسول بعد استشهاد حمزة
وبعد رحيل المشركين عن أرض المعركة، خرج الرسول -صلى الله عليه وسلم- يتفقد قتلى المسلمين، ويبحث عن عَمِّهِ حمزة، فوجده قد استُشهد، ورأى ما حل بجسده الطاهر من التشويه والتمثيل، فحزن حزناً عظيماً لمقتله، وغضب غضباً شديداً للتمثيل بجثته، وقد رُوي بأنه توعد المشركين بأن يمثل فيهم كما مثلوا بالمسلمين، ولكن الله -تعالى- حرَّم على المسلمين التمثيل بجثث أعدائهم، حتى لو مثلوا بهم، فنزل في ذلك الوقت، قوله -تعالى-: (وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ)،[٣] فامتثل النبي -صلى الله عليه وسلم- لأمر الله، وصبر، ونهى أصحابه عن المُثلة، وهذا من عدل الإسلام وأخلاقه العظيمة، التي لا مثيل لها عند الأمم الأخرى.[٤]
دفن حمزة وبكاء الرسول عليه
أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بدفن الشهداء في أماكن موتهم، وألّا يغسّلوا، وأن يُدفنوا بثيابهم، وكان يأمر بدفن الشهيدين والثلاثة في قبر واحد، بسبب كثرة الشهداء، وقام بدفن حمزة مع ابن أخته عبد الله بن جحش -رضي الله عنهما- في قبر واحد، وصلى النبي -صلى الله عليه وسلم- على جنازة حمزة، وبكى عليه بكاءً شديداً، حتى رُوي عن الصحابة أنهم لم يروا النبي -صلى الله عليه وسلم- يبكي كهذا البكاء من قبل، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- ينظر إلى الشهداء ويقول: (أنا شَهيدٌ على هؤلاءِ أنَّهُ ما مِن جريحٍ يُجرَحُ في سبيلِ اللَّهِ إلَّا واللَّهُ يبعثُهُ يومَ القيامةِ يَدمى جُرحُهُ اللَّونُ لونُ دَمٍ والرِّيحُ ريحُ مِسْكٍ).[٥][٦]
المراجع
- ↑ المباركفوري، الرحيق المختوم، صفحة 237. بتصرّف.
- ↑ العازمي، اللؤلؤ المكنون، صفحة 655. بتصرّف.
- ↑ سورة النحل، آية:126
- ↑ محمد أبو شهبة، السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة، صفحة 207-208. بتصرّف.
- ↑ رواه الألباني، في فقه السيرة، عن عبدالله بن ثعلبة، الصفحة أو الرقم:270، حديث صحيح.
- ↑ المباركفوري، الرحيق المختوم، صفحة 255. بتصرّف.