حواري الرسول

ثبت في السيرة النبويّة أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- سمّى الزبير بن العوّام -رضي الله عنه- حواريّ رسول الله؛ وذلك بقوله: (... إنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيَّ، وإنَّ حَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ)؛[١] ومعنى الحواريّ الناصر، ومنه سُمّي أنصار عيسى -عليه السلام- بالحواريّين.[٢]


حيث قال -تعالى- في شأنهم مع عيسى -عليه السلام-: (فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَىٰ مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ ۖ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ)،[٣] وقد جاء في سبب تسميتهم بذلك أنّهم كانوا يُحوّرون الثياب، أيّ يُبيّضونها.[٢]


وقد ورد في بعض الآثار أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- أطلق لقب الحواريّ على غير الزبير -رضي الله عنه-؛ ولكنّها مرويات لا تصحّ في أسانيدها مقال؛ ويُدعّم هذا القول، أنّ عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- سئُل ذات يوم: "هل كان أحدٌ يقال له حواريّ رسول الله، -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، غيرُ الزّبير؟"، فأجاب: "لا أعلمه"؛ كما ورد عنه أنّه سمع رجلاً يقول إنّه ابن حواريّ الرسول -صلى الله عليه وسلم-؛ فقال له ابن عمر -رضي الله عنهما-: "إنْ كُنْتَ من آل الزّبير وإلا فلا".[٤]


حادثة تسميّة الزبير بالحواري

أطلق النبي -صلى الله عليه وسلم- لقب الحواريّ على الزبير -رضي الله عنه- في غزوة الأحزاب أو غزوة الخندق؛ حيث كانت هذه المعركة شديدة الوطأة على المسلمين، اشتد عليهم فيها البرد والحصار، وتكالب الأحزاب، وخداع المنافقين وتآمرهم على المسلمين؛ فطلب النبي -صلى الله عليه وسلم- وسط هذه الأجواء من الصحابة الكرام، والناس من حوله رجلاً يتسلل إلى بني قريظة؛ فيأتيه بخبرهم، فانتدب لذلك الزبير بن العوّام -رضي الله عنه-.[٥]


وأعاد النبي -صلى الله عليه وسلم- طلبه مرةً ثانيةً وثالثة؛ فانتدب الزبير -رضي الله عنه- في كلّ مرة لهذه المهمة؛ ممّا جعل النبي -صلى الله عليه وسلم- يُطلق عليه اسم الحواريّ؛ لأنّه آثر إعانة النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا الموضع الشديد، وبادر إلى مهمة الإتيان بخبر القوم.[٥]


التعريف بالزبير بن العوام

هو الزبير بن العوّام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب ابن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة؛ يجتمع مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في قصيّ بن كلاب، فهو ابن عمّته صفيّة بنت عبد المطلب -رضي الله عنها-.[٦]


والزبير بن العوّام أحد العشرة المبشرين بالجنّة؛ وأحد أصحاب الشورى الستة؛ الذين اختارهم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ليتشاوروا في أمر الخلافة من بعده، كما أنّ الزبير كان أحد السبعة الأوائل الذين أسلموا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في بدايات دعوته، وقد كان عمره آنذاك خمسة عشر عاماً.[٧]


ومن الجدير بالذكر -أيضاً- أنّ بعض المؤرخين يذكرون أنّ أول سيف شهر في الإسلام كان سيف الزبير بن العوّام -رضي الله عنه-، وذلك لمّا شاع في أوائل الدعوة أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قد قتل، فحمل الزبير سيفه، وخرج مشهراً له يجول في أنحاء مكة المكرمة يتأكدّ من الخبر.[٧]


وقد كان الزبير من أصحاب الهجرتين، بالإضافة إلى شهوده المشاهد كلّها مع النبي -صلى الله عليه وسلم-،[٧] وقد قتل الزبير -رضي الله عنه- بعد واقعة يوم الجمل؛ حيث طعنه أحد المتحاملين عليه أثناء الصلاة، يُقال له عمرو بن جرموز؛ وقد جاء بسيفه إلى علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- فحزن حزناً شديداً؛ وقال: "سيف طالما جلّى الكرب عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم".[٨]

المراجع

  1. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:4113، صحيح.
  2. ^ أ ب البغوي، أبو محمد، شرح السنة، صفحة 122، جزء 14. بتصرّف.
  3. سورة آل عمران، آية:52
  4. أبو القاسم ابن عساكر، تاريخ دمشق، صفحة 376، جزء 18. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ابن سعد، الطبقات الكبرى، صفحة 98-99، جزء 3.
  6. الأوقاف المصرية، موسوعة الأعلام، صفحة 240، جزء 1. بتصرّف.
  7. ^ أ ب ت خالد محمد خالد، رجال حول الرسول، صفحة 268-269. بتصرّف.
  8. سيف بن عمر، الفتنة ووقعة الجمل، صفحة 174. بتصرّف.