مواقف من حب الرسول لعائشة
كثيرةٌ هي المواقف التي تشهد على حبّ النبيّ -صلى الله عليه وسلّم- لعائشة -رضي الله عنها-، ومن جملة هذه المواقف ما يأتي:
تدليلها بالنّداء وتبشيرها بسلام جبريل عليها
صحّ في الحديث عَنْ عائِشةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْها-: أنّ النبيَّ -صلى الله عليه وسلّم- قالَ لها: (يا عائِشَ، هذا جِبْرِيلُ يُقْرِئُكِ السَّلامَ فَقُلتُ: وعليه السَّلامُ ورَحْمَةُ اللَّهِ وبَرَكاتُهُ، تَرَى ما لا أرَى، تُرِيدُ رَسولَ اللَّهِ).[١]
والتّدليل بالمناداة على الزّوجة من مرغوباتها التي تترك أثراً طيّباً في نفسها، ويظهر في قوله: (يا عائش)، وتبليغها سلام جبريل -عليه السلام- عليها يُشعرها بعلوّ منزلتها وكرامة قدْرها.
إتاحة المجال لها في المُتع المُباحة
عن عائِشةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْها- قالت: (كانَ الحَبَشُ يَلْعَبُونَ بحِرَابِهِمْ، فَسَتَرَنِي رَسولُ اللَّهِ ﷺ وأَنَا أنْظُرُ، فَما زِلْتُ أنْظُرُ حتَّى كُنْتُ أنَا أنْصَرِفُ، فَاقْدُرُوا قَدْرَ الجَارِيَةِ الحَدِيثَةِ السِّنِّ، تَسْمَعُ اللَّهْوَ).[٢]
يُظهر هذا الموقف مدى حبّ النبي الكريم لزوجته عائشة، وتفهّمه لرغباتها المباحة، كما يكشف عن رحابة صدره وسروره بما يسرّ خاطرها ويُسعد قلبها.
وعنها -رَضِيَ اللهُ عَنْها- قالَتْ: (قدِمَ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلّم- من غزوةِ تبوكٍ -أو خيبرٍ- وفي سهوتِها سترٌ، فهَبَّتْ ريحٌ، فكَشَفَتْ ناحيةَ السِّتْرِ عن بناتٍ لعائشةَ -لَعِبٌ- فقال: ما هذا يا عائشةُ؟ قالَتْ: بناتي، ورأى بينَهُنَّ فرسًا له جَناحانٍ مِن رِقاعٍ، فقال: ما هذا الذي أرى وَسَطَهُنَّ؟ قالَتْ: فَرَسٌ، قال: وما هذا الذي عليه؟ قالَتْ: جَناحان، قال: فرسٌ له جَناحانِ؟ قالَتْ: أما سَمِعْتَ أن لسليمانَ خيلًا لها أجنحةً؟ قالَتْ: فضَحِكَ حتى رَأَيْتُ نواجذَه).[٣]
التّودد لها خاصّة وقت حَيضِها
صحّ عن عائِشةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْها- أنّها قالت: (كُنْتُ أشْرَبُ وأَنَا حَائِضٌ، ثُمَّ أُنَاوِلُهُ النبيَّ -صلى الله عليه وسلّم- فَيَضَعُ فَاهُ علَى مَوْضِعِ فِيَّ، فَيَشْرَبُ، وأَتَعَرَّقُ العَرْقَ وأَنَا حَائِضٌ، ثُمَّ أُنَاوِلُهُ النبيَّ -صلى الله عليه وسلّم- فَيَضَعُ فَاهُ علَى مَوْضِعِ فِيَّ)،[٤] العَرْق: هو العَظمُ الَّذي عليه بَقيَّة من لَحمٍ.[٥]
وحرص النبي الكريم على فعل ذلك من باب إدخال السّرور إلى قلبها؛ خاصّة في فترة الحيض؛ نظراً لما تعتري المرأة في تلك الأيام من تعكّر المزاج؛ فهي إذ ذاك أحوج إلى الملاطفة وإظهار الودّ والقُرب؛ خلافاً لفعل اليهود؛ إذ كانت الحائض فيهم لا يؤاكلها ولا يجالسها أحد.[٦]
مشاركتها في سباق الجري
عَنْ عائِشةَ أمِّ المُؤْمِنين -رَضِيَ اللهُ عَنْها- قالَتْ: (سابَقني النَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- فسبَقْتُه فلبِثْنا حتَّى إذا أرهَقني اللَّحمُ سابَقني فسبَقني فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: هذه بتلك).
وفي هذا المشهد يلفت النبي -صلى الله عليه وسلّم- النّظر إلى جوانب قد تغيب عن بال الأزواج؛ فمشاركة الزوجة في رغباتها ومراعاة حاجتها النّفسية له أثر كبير في إدامة الودّ ونشر البهجة في الحياة الأسرية، وهذا ما تنبّه له النبي الكريم، ومارسه ممارسة عملية.
حب الرسول لعائشة
لا يخفى أنّ عائشة -رضي الله عنها- قد نالتْ مكانة خاصّة في قلب النبيّ الكريم لأسباب كثيرة؛ لعلّ من أبرزها أنّ زواج النبيّ الكريم منها قد جاء بالرؤيا الصّادقة؛ فقد ثبت عَنْ عائِشةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْها- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلّم- أَخْبَرَهَا، فقالَ: (أُرِيتُكِ في المَنَامِ ثَلَاثَ لَيَالٍ، جَاءَنِي بكِ المَلَكُ في سَرَقَةٍ مِن حَرِيرٍ، فيَقولُ: هذِه امْرَأَتُكَ، فأكْشِفُ عن وَجْهِكِ فَإِذَا أَنْتِ هي، فأقُولُ: إنْ يَكُ هذا مِن عِندِ اللهِ، يُمْضِهِ).[٧]
وقوله: سَرَقَةٍ مِن حَرِيرٍ: أي: قِطْعةٍ مِنْ حَريرٍ،[٨] زيادة على ذلك كان حبّ النبيّ الكريم لعائشة امتداداً لحبّه لأبيها الصدّيق أبي بكر -رضي الله عنه-، وقد كانت البكر الوحيدة بين زوجاته -عليهنّ السّلام-.[٩]
ولم يكن النبي -صلى الله عليه وسلم- يجد بأساً في إظهار حبّه لعائشة -رضي الله عنها-، ورغم حرصه الشديد على العدل بين زوجاته؛ إلا أنّ مراعاة ما تقتضيه طبيعة الزوجة وحاجاتها بالنّظر إلى عمرها لا يتنافى مع العدل بين الزوجات؛ فضلاً على أنّ العدل بينهنّ غير مرتبط بميل القلب لإحداهنّ.
وفي الحديث عن عائشة -رضي الله عنها-: (كان رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- يَقسِمُ فيَعدِلُ، ويقولُ: اللَّهمَّ هذا قَسْمي فيما أملِكُ، فلا تلُمْني فيما تملِكُ، ولا أملِكُ)،[١٠] أي: يقسم بين نسائه فيعدل، وقوله: فلا تلُمْني فيما تملِكُ، ولا أملِكُ، أي: ميل القلب.[١١]
المراجع
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة، الصفحة أو الرقم:3768 ، صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة، الصفحة أو الرقم:5190 ، صحيح.
- ↑ رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن عائشة، الصفحة أو الرقم:4932، صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:300، صحيح.
- ↑ "تعريف و معنى العرق في معجم المعاني الجامع"، المعاني، اطّلع عليه بتاريخ 17/7/2023. بتصرّف.
- ↑ عبد الله الفريح (25/9/2017)، "حديث: أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم لم يؤاكلوها"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 17/7/2023. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:2438 ، صحيح.
- ↑ فريق الموقع (22/11/2000)، "رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم في زواجه من عائشة"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 17/7/2023. بتصرّف.
- ↑ فريق الموقع (15/10/2003)، "حكمة زواج النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعائشة رُغم فارق السنّ"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 17/7/2023. بتصرّف.
- ↑ رواه أبو داود، في سنن أبي داود، عن عائشة، الصفحة أو الرقم:2134، إسناد صحيح.
- ↑ فريق الموقع (27/10/2014)، "معنى حديث: اللهم هذا فعلي فيما أملك، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك"، إسلام ويب، اطّلع عليه بتاريخ 17/7/2023. بتصرّف.