خصّ الله عز وجل النبي صلى الله عليه وسلم بالصفات والمعجزات، مما جعله مثالًا يقتدي به المسلمون جميعًا، فهو المؤثر الأول في حياة الصحابة في جميع مجالات الحياة، إذ نقلهم صلى الله عليه وسلم نقلة خاصة ونوعية من الحياة التي كانوا يعيشونها في زمن الجاهلية وضياع بوصلة التوحيد، إلى ظل الإسلام والهدي المحمدي الذي شهدوه في حياتهم، فكان هديه صلى الله عليه وسلم مثالًا للقيادة والتربية، فهو المعلم الأول وخاتم الرسالات جميعها، وبذلك وقر حبه صلى الله عليه وسلم في قلوب الصحابة، وأبدوا له أعظم مظاهر الاحترام والتأدب، لما شهدوه من حسن سيرته وسلوكه صلى الله عليه وسلم، وسنتحدث في هذا المقال عن أدب الصحابة مع الرسول مع بعض الأمثلة التي تبين لنا ذلك.


أدب الصحابة مع الرسول

يقول الله سبحانه وتعالى: "مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً"،[١] وفي هذا إشارة إلى ضرورة طاعة النبي صلى الله عليه وسلم، ووجوب التأدب معه، والتحذير من عصيانه؛ لأنها معصية لله عز وجل يؤثم عليها المسلم، وفيما يأتي عرض لأهم صور أدب الصحابة مع الرسول صلى الله عليه وسلم:[٢]


الأدب القلبي

وهو أعظم منازل التأدب مع النبي صلى الله عليه وسلم، فهو يعكس التأدب مع النبي صلى الله عليه وسلم بين المرء ونفسه، واستشعار عظمة النبي في قلب المرء،[٣] ومن صور ذلك ما حدث بعد هجرة الرسول إلى المدينة، حين نزل صلى الله عليه وسلم في بيت الصحابي الجليل أبي أيوب الأنصاري، فكان هو وامرأته عند تقديم الطعام للنبي صلى الله عليه وسلم لا يأكلان من بعده إلا من موضع أكل النبي لشدة حبهم له، وطلبًا للبركة من آثاره صلى الله عليه وسلم، وحين وقعت في بيتهم جرة ماء وانكسرت، أخذا بلحاف لهما لا يملكان سواه ليجففا الأرض من الماء خوفًا من أن يصيب النبي صلى الله عليه وسلم أذى منه.[٤]


الأدب القولي

من وقر حب النبي صلى الله عليه وسلم في قلبه فلا بد من أن يظهر بلسانه وكلامه، فالأدب القولي أحد مظاهر أدب الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم، ويتمثل بالتأدب في الحديث مع النبي صلى الله عليه وسلم، وخفض الصوت عند التحدث معه، وعدم مقاطعة حديثه صلى الله عليه وسلم، وقد نزل في ذلك أمر إلهي من الله سبحانه وتعالى، وذلك في قوله: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ".[٥][٦]


الأدب العملي

وهو التأدب مع النبي صلى الله عليه وسلم في الأفعال التي تظهر على الجوارح، فيتأسى الصحابي بسنته صلى الله عليه وسلم ويحرص على التصرف بأعظم مظاهر التأدب معه بأفعاله كما تأدب معه بأقواله،[٢] ومن صور ذلك حرصهم على اتباع سنته، بل ومن شدة حبهم له صلى الله عليه وسلم أنهم حرصوا على مرافقته وملازمته صلى الله عليه وسلم، فما شهد العالم مثل صحابة رسول الله في حرصهم على التأسي به، وقد وصلنا من ذلك ما كان في صلح الحديبية من حرص الصحابة على ملازمته والتبرك به صلى الله عليه وسلم، لدرجة أنه حين يتوضأ فإنهم يقتتلون على أخذ ماء وضوئه، وإذا أمرهم بأمر سارعوا له، وإذا تحدث خفضوا أصواتهم ليسمعوا ما يقول صلى الله عليه وسلم.[٧]


المراجع

  1. سورة النساء، آية:80
  2. ^ أ ب "الأدب مع الحبيب صلى الله عليه وسلم"، إسلام ويب. بتصرّف.
  3. "الأدب مع الحبيب صلى الله عليه وسلم"، إسلام ويب. بتصرّف.
  4. "أدب الصحابة مع النبي صلى الله عليه وسلم "، الألوكة الشرعية. بتصرّف.
  5. سورة الحجرات، آية:2
  6. "الأدب مع الحبيب صلى الله عليه وسلم"، إسلام ويب. بتصرّف.
  7. "أدبُ الصحابةِ رضيَ اللهُ عنهم مع النبي صلى الله عليه وسلم"، صيد الفوائد. بتصرّف.