أخلاق الرسول
ضرب النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أروع الأمثلة في الأخلاق الحسنة، فقد كان -عليه الصلاة والسلام- أحسن الناس خلُقاً وتقوى، وقد شهد الله -تعالى- له في ذلك، فقال في كتابه العزيز: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}،[١] فكان -عليه الصلاة والسلام يحرص على أن تكون أخلاقه مستمدة من القرآن كما وصفت ذلك زوجته عائشة -رضي الله عنها-، فكان يمتثل القرآن الكريم في سلوكه وأقواله وأفعاله كلّها، فما كان يترك -عليه الصلاة والسلام- جانباً من حياته إلّا وأخلاق القرآن فيها، حيث كان حسن المعشر مع زوجاته وأهل بيته، يكرمهم ويحترمهم، كذلك مع الأطفال، فكان يعاملهم بلطف ولين وتقدير، يُروى عن أنس -رضي الله عنه- أنَّ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- كان يسلّم على الصبيان، وكان من حسن أخلاقه -عليه الصلاة والسلام- أنّه كان عبداً شكوراً لله تعالى معترفاً بفضله عليه،[٢] وفي هذا المقال ذكر خلق الصبر الذي اتّصف به النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- وذكر أبرز مظاهره.
ما هي مظاهر صبر الرسول؟
صبر الرسول في مجال الدعوة
كان خلق الصبر ملازماً للرسول -صلّى الله عليه وسلّم- منذ لحظة بعثته إلى وفاته، فقد كان طريق الدعوة شاقًا وصعبًا، حيث كان كثيراً ما يتعرض للأذى النفسي والجسدي، فما كان له من عدة أمام المشركين غير الصبر، فعند بداية بعثته أخبره ورقة بن نوفل بالذي ينتظره فقال له: (لَيْتَنِي أكُونُ حَيًّا إذْ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ، فقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أوَ مُخْرِجِيَّ هُمْ، قالَ: نَعَمْ، لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بمِثْلِ ما جِئْتَ به إلَّا عُودِيَ)،[٣] فكان ذلك بمثابة التهيئة النفسية للنبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بما سيلاقيه من أذى، فلم يكن -عليه الصلاة والسلام يخرج من معركة إلّا ويدخل في أخرى، ومن أشدّ أنواع الأذى الذي تلقّاه -عليه الصلاة والسلام- عندما أخرجه قومه من مكة مهاجراً، تاركاً كل ما يحبّ فيها في سبيل الدعوة إلى الله -تعالى-.[٤]
صبر الرسول عند الموت والفقد
فقد النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- عددًا كبيرًا من أحبائه، فتوفيت زوجته خديجة -رضي الله عنها- وقد حزن لذلك حزناً شديداً، وتوفي جميع أبنائه وبناته في حياته -صلّى الله عليه وسلّم- باستثناء فاطمة -رضي الله عنها-، وما كان منه إلّا الصبر واحتساب الأجر عند الله -تعالى-، فعندما علم النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- بوفاة ابنه إبراهيم أخذ يقبله ويشمه، وعيناه -عليه الصلاة والسلام- تذرفان، فقال له عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه-: (وأَنْتَ يا رَسولَ اللَّهِ؟ فَقالَ: يا ابْنَ عَوْفٍ إنَّهَا رَحْمَةٌ، ثُمَّ أَتْبَعَهَا بأُخْرَى، فَقالَ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ العَيْنَ تَدْمَعُ، والقَلْبَ يَحْزَنُ، ولَا نَقُولُ إلَّا ما يَرْضَى رَبُّنَا، وإنَّا بفِرَاقِكَ يا إبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ).[٥][٦]
صبر الرسول على الفقر والجوع
تعرّض النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- لجميع أنواع الابتلاءات، حيث قال الله تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ}،[٧] ويُذكر أنّ أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: (جِئْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يَوْمًا فَوَجَدْتُهُ جَالِسًا مع أَصْحَابِهِ يُحَدِّثُهُمْ، وَقَدْ عَصَّبَ بَطْنَهُ بعِصَابَةٍ، قالَ أُسَامَةُ: وَأَنَا أَشُكُّ علَى حَجَرٍ، فَقُلتُ لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ لِمَ عَصَّبَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ بَطْنَهُ؟ فَقالوا: مِنَ الجُوعِ)،[٨] فما كان من النبيّ -صلّى الله عليه والسلّم- إلّا الصبر على ذلك.[٩][١٠]
المراجع
- ↑ سورة سورة القلم، آية:4
- ↑ "من أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم"، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 5/6/2021. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري ، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:3، حديث صحيح.
- ↑ "صبر النبي صلى الله عليه وسلم"، إسلام ويب، 18/6/2002، اطّلع عليه بتاريخ 5/6/2021. بتصرّف.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:1303، حديث صحيح.
- ↑ أ. صالح بن أحمد الشامي (7/8/2018)، "صبر الرسول صلى الله عليه وسلم"، الألوكة الشرعية، اطّلع عليه بتاريخ 5/6/2021. بتصرّف.
- ↑ سورة سورة البقرة، آية:155
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:2040، حديث صحيح.
- ↑
- ↑ "هل ربط النبي صلى الله عليه وسلم بطنه من شدة الجوع؟ "، إسلام ويب، 2/3/2003، اطّلع عليه بتاريخ 6/6/2021. بتصرّف.