يتصف النبي صلى الله عليه وسلم بصفات القائد الناجح الذي جعله الله عز وجل قدوة للأمة جميعها في اتباعه، فقد قال عز وجل في ذلك: "لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا"،[١] لذلك جعل الله عز وجل في النبي صلى الله عليه وسلم من الصفات ما لم يجعله في غيره من سائر البشر، فهو رسول الله الذي اصطفاه وفضله عن سائر العالمين ليكون خاتم الأنبياء والمرسلين، وفي كتب السيرة النبوية تفصيل وبيان لصفات ومواقف النبي صلى الله عليه وسلم منذ ولادته وحتى وفاته، فقد جعل الله عز وجل فيه من الصفات الحسنة من قبل بعثته، بل ومنذ نعومة أظفاره صلى الله عليه وسلم، فكان لقبه في قومه الصادق الأمين الذي كان يأتمنه القوم دون سواه على ودائعهم لعلمهم بشدة أمانته وصدقه، وأنه لا ينطق سوى الحق، فكانت حياة النبي صلى الله عليه وسلم مثالًا واقعيًّا وشاهدًا عمليًّا للناس جميعًا في اتباعه في صفاته ومعاملاته في جميع جوانب حياته، سواء في تعامله مع أهله أو مع أصحابه أو حتى مع أعدائه، وكل ذلك كان فيه للنبي صلى الله عليه وسلم وقفات وأقوال عظيمة كانت خير شاهد يتبعها الناس من بعده، وسنتحدث في مقالنا هذا عن صفات ومواقف للنبي صلى الله عليه وسلم نقلها لنا الصحابة والتابعين من بعدهم في كتب السيرة النبوية وحفظوها حتى وصلت إلينا.
صفات ومواقف النبي
كان النبي صلى الله عليه وسلم أشد الناس رحمةً بغيره، وأكمل الناس عقلًا، وأكثرهم صبرًا، فكان في صفاته وخصاله الحميدة ومواقفه مع الناس ما يعكس أثر ذلك على مكانته في قلب أمته، فكان صلى الله عليه وسلم يلاعب الصغار، ويحترم الكبار، ولا يغضب إلا للحق، كما أنه ذو توازن ورجاحة في العقل وسلامة في اللغة، ومن هذه الصفات والمواقف التي تحلى بها النبي صلى الله عليه وسلم ما يأتي:[٢]
الصدق والأمانة
كان النبي صلى الله عليه وسلم يلقب في قومه من قبل بعثته بالصادق الأمين، لعلمهم أنه لا ينطق إلا بالصدق، ومن المواقف التي تثبت صدق النبي صلى الله عليه وسلم أنه حينما نزلت الآية: "وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ"،[٣] جمع النبي صلى الله عليه وسلم الناس وهو واقف على جبل الصفا مناديًا على جميع بطون قريش، وحين اجتمعت قريش استجابةً لندائه، سألهم صلى الله عليه وسلم إذا ما كانوا سيصدقونه إذا أخبرهم بوجود خيل ستهاجمهم، فأجابوا بأنهم سيصدقونه لأنهم لم يجربوا عليه كذبًا قط، وحينها انتهز صلى الله عليه وسلم الموقف ليعلمهم بأنه نذير لهم من الله عز وجل، والشاهد من القصة هنا هو بيان صدق النبي صلى الله عليه وسلم في قومه منذ نعومة أظفاره.[٤]
الصبر
كان -صلى الله عليه وسلم- من أشد الناس صبرًا على الأذى في قومه، ولم يكن يغضب لنفسه إنما فقط للحق، وإن المواقف التي تدل على شدة صبره كثيرة، منها وفاة جميع أولاده في حياته سوى فاطمة الزهراء، وتحمل أذى المشركين بكافة أشكاله، ومن ذلك أنه حين رجع من الطائف وكان قد أصيب في قدميه من أذى القوم هناك، لم يدعُ إلا بالهداية لعل الله عز وجل يخرج منهم ذرية مسلمة موحدة لله، وهذه دلالة على شدة صبره، كما هو الحال حين وضعوا عليه الأوساخ وهو ساجد، فبقي على ذلك الحال حتى أزالتها ابنته فاطمة عنه.[٥]
الشجاعة
تحلى النبي صلى الله عليه وسلم بالشجاعة لثقته بالله عز وجل وإيمانه به، ومن المواقف والشواهد على ذلك خوضه غزوة بدر رغم أن أعداد المسلمين كانت ثلث المشركين فقط، وكانت الدولة الإسلامية حديثة النشأة، إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل بذلك ليقينه بنصر الله وتيسيره.[٦]
الرحمة
كان صلى الله عليه وسلم أشد الناس رحمةً بأمته، فهو من أرسله الله عز وجل رحمة للعالمين في قومه وبين أصحابه ومع أهله كذلك، ومن المواقف التي تدل على رحمته صلى الله عليه وسلم ما حدث عند نزول المسلمين عن جبل الرماة ومخالفتهم لأوامره صلى الله عليه وسلم في غزوة أحد، فكان همه الوحيد هو معالجة الجرحى ومداواتهم، وليس العتاب أو المعاقبة لمخالفة الأوامر.[٧]
العدل
كره النبي صلى الله عليه وسلم التمييز والمحاباة، وتحلى بصفة العدل التي أمر الله عز وجل بها، وهذا ما انعكس في مواقفه مع أهل بيته أو مع أصحابه، بل ومع الناس جميعًا كذلك، والمواقف التي تدل على عدل النبي صلى الله عليه وسلم كثيرة، منها أنه حينما حاول الصحابي أسامة بن زيد أن يشفع للمرأة المخزومية التي سرقت لنسبها، غضب النبي صلى الله عليه وسلم غضبًا شديدًا لمحاولة ترك حد من حدود الله لتمييز شخص عن آخر لحسبه ونسبه فقط.[٨]
المراجع
- ↑ سورة الأحزاب، آية:21
- ↑ سعيد بن وهف القحطاني، رحمة للعالمين، صفحة 33. بتصرّف.
- ↑ سورة الشعراء، آية:214
- ↑ "صدق إمام الصادقين النبي صلى الله عليه وسلم"، الدرر السنية. بتصرّف.
- ↑ "نماذج من صبر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم "، الدرر السنية . بتصرّف.
- ↑ محمود شيت خطب، الرسول القائد، صفحة 436. بتصرّف.
- ↑ محمد أبو زهرة، خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم، صفحة 634. بتصرّف.
- ↑ "عدل الرسول صلى الله عليه وسلم "، إسلام ويب. بتصرّف.