خاتم الرسول -صلى الله عليه وسلم-
اتخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خاتماً من فضة كان يلبسه في يده الشريفة؛ وذلك عندما أراد أن يرسل رسائله إلى ملوك الفرس والروم وغيرهم؛ لأن الأعاجم كانوا لا يعترفون بالرسالة إذا لم تكن مختومة بخاتم مرسلها، جاء في الحديث: (أنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ كانَ أَرَادَ أَنْ يَكْتُبَ إلى العَجَمِ، فقِيلَ له: إنَّ العَجَمَ لا يَقْبَلُونَ إلَّا كِتَابًا عليه خَاتَمٌ، فَاصْطَنَعَ خَاتَمًا مِن فِضَّةٍ. قالَ: كَأَنِّي أَنْظُرُ إلى بَيَاضِهِ في يَدِهِ)،[١] وكان لخاتم النبي -صلى الله عليه وسلم- فَصٌّ، وهو الحجر الذي يكون في الجزء العلوي من الخاتم، وكان منقوشاً عليه عبارةُ: محمدٌ رسول الله، وكانت مكتوبة بشكل عمودي من الأسفل إلى الأعلى، محمدٌ في سطر، ورسولُ فوقها، ولفظ الجلالة الله في الأعلى، وقد انتقل هذا الخاتم بعد وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى خلفائه الراشدين، وانتقل من واحد إلى الآخر، حتى سقط في بئر أريس في زمن عثمان.[٢]
أين وضع الرسولُ الخاتَم؟
اليد اليمنى أم اليد اليسرى؟
اختلف الفقهاء في أي يدٍ كان الرسول -صلى الله عليه وسلم- يلبس خاتمه، هل هي اليسرى أم اليمنى، وذلك بناء على ما ورد عنه في السنة النبوية، على قولين:[٣]
- القول الأول: أنه كان يلبسه في اليد اليسرى، وهذا ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من المالكية والحنفية والحنابلة، واستدلوا على ذلك بما ورد في الحديث عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: (كانَ خَاتَمُ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ في هذِه، وَأَشَارَ إلى الخِنْصِرِ مِن يَدِهِ اليُسْرَى)،[٤] واستدلوا كذلك بفعل الصحابة، فأكثرهم كانوا يلبسون الخاتم في اليد اليسرى، كأبي بكر وعمر وعثمان وغيرهم -رضي الله عنهم-، واستدلوا أيضاً باستحباب مخالفة أهل البدع حيث أن الروافض يلبسون الخاتم باليمين، وذكروا أيضاً أن لبس الخاتم في اليسار أسهل وأنسب لمن أراد أن يختم به، فينزَعُه ويُعيدُه بيمينه.
- القول الثاني: أنه كان يلبسه في اليد اليمنى، وهذا ما ذهب إليه الشافعية، واستدلوا بعدة أحاديث صحيحة ورد فيها أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يلبس خاتمه باليمنى، منها ما جاء عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- قال: (رأيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يتختَّمُ في يمينِه)،[٥] وقد ذكر الإمام البخاري أن هذا الحديث هو أصح ما ورد عنده في هذا الموضوع، واستدل الشافعية أيضاً بأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يحب التيمُّن في كل أموره، كما جاء في الحديث: (كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُعْجِبُهُ التَّيَمُّنُ، في تَنَعُّلِهِ، وتَرَجُّلِهِ، وطُهُورِهِ، وفي شَأْنِهِ كُلِّهِ)،[٦] وردوا على أدلة القول الأول أن الأحاديث الواردة في إثبات لبس الخاتم باليمين أكثر وأصح من الأحاديث الأخرى.
في أي إصبع؟
اتفق الفقهاء جميعاً على أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يلبس الخاتم في خنصره، وذلك لما ورد في الحديث عن أنس بن مالك -رضي الله عنه-: (صَنَعَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خَاتَمًا، قَالَ: إنَّا اتَّخَذْنَا خَاتَمًا، ونَقَشْنَا فيه نَقْشًا، فلا يَنْقُشَنَّ عليه أحَدٌ. قَالَ: فإنِّي لَأَرَى بَرِيقَهُ في خِنْصَرِهِ)،[٧] وقد نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن لبس الخاتم في السبابة أو الوسطى، جاء في الحديث عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: (نَهَانِي رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ أَنْ أَتَخَتَّمَ في إصْبَعِي هذِه، أَوْ هذِه، قالَ: فأوْمَأَ إلى الوُسْطَى وَالَّتي تَلِيهَا).[٨][٩]
المراجع
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم: 2092، حديث صحيح.
- ↑ سامح محمد البلاح (21/4/2016)، "خاتم النبي محمد صلى الله عليه وسلم"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 9/12/2021. بتصرّف.
- ↑ الإسلام سؤال و جواب (26/10/2009)، "في أي إصبع كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبس خاتمه ؟"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 9/12/2021. بتصرّف.
- ↑ رواه مسلم ، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:2095 ، حديث صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في العلل الكبير، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:286، أصح شيء عندي في هذا الباب هذا الحديث.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:168، حديث صحيح.
- ↑ رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:5874، حديث صحيح.
- ↑ رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن علي بن أبي طالب، الصفحة أو الرقم:2095، حديث صحيح.
- ↑ يحيى بن موسى الزهراني، "الخاتم أحكام وأدله"، صيد الفوائد، اطّلع عليه بتاريخ 9/12/2021. بتصرّف.