أسباب غزوة بني قينقاع

كان لغزوة بني قينقاع عدد من الأسباب المباشرة وغير المباشرة، والتي تسببت في قيام هذه الواقعة، ويمكن بيانها على النحو الآتي:

الأسباب المباشرة

جاء في كتب السيرة النبويّة أنّ امرأة من المسلمين ذهبت إلى بيع صاغة لها في السوق، وكان الصائغ يهودياً؛ فتآمر القوم على إثارة الشرّ والكيد بالمسلمين، لشدّة حقدهم وكرههم، فقام الصائغ إلى طرف ثوب هذه المرأة المسلمة؛ فعقده إلى ظهرها وهي لا تدري عن مكيدته، ولمّا قامت انكشفت عورتها فصاحت، فلحق بها قام أحد شبان المسلمين فقتل الصائغ، مما جعل غضب اليهود يشتعل أكثر فأكثر، فاستنجدوا بمن معهم وقتلوا هذا الشاب المسلم، وبهذه كانت الشرارة لغزو بني قينقاع.[١]


الأسباب غير المباشرة

وتتلخص هذه الأسباب بالنقاط الآتية:[٢]

  • غدر اليهود بالمسلمين، ونقضهم العهد الذي بينهم وبين النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما هاجر إلى المدينة المنورة.
  • تجسس اليهود على المسلمين لصالح المشركين.
  • إظهاره اليهود البغي والعداوة للمسلمين.
  • انتصار المسلمين في غزوة بدر، مما أثار غيظ اليهود رؤيتهم بهذه القوة ووحدة الصفوف، فكانوا يدبرون المكائد، ويُشعلون الفتن بين المسلمين.[٣]
  • استهزاء اليهود بالمسلمين، والاستخفاف بقوتهم وقدرتهم؛ وذلك بعد تحذير النبي -صلى الله عليه وسلم- لهم، بأن يصيبهم ما أصاب قوم قريش في بدر، فتعلّلوا بأن القوم لا علم لهم بالقتال، وأنّهم يملكون القدرة على مواجهة المسلمين.[٤]


غزوة بني قينقاع

سار النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى بني قينقاع في منتصف شهر شوال من السنة الثانية للهجرة، وقد حمل لواء النبي -صلى الله عليه وسلم- حمزة بن عبد المطلب، وخلف بعده على المدينة المنورة أبو لبابة؛ وبدأ الحصار؛ حيث حاصرهم المسلمون في حصونهم خمس عشرة ليلة، حتى قذف الله في قلوبهم الرعب، وخافوا أشدّ خوف حتى نزلوا تحت أمر النبي وحكمه، وأعلنوا استسلامهم.[٥]


وقد شفع فيهم رأس المنافقين عبد الله بن أُبي بن سلول؛ الذي ألحّ على النبي -صلى الله عليه وسلم- في شأنهم؛ حتى حكم عليهم بالجلاء والخروج من المدينة المنورة، وقد تولى ذلك عبادة بن الصامت -رضي الله عنه-، ومن بعد ذلك دخل المسلمون حصونهم، ونالوا منها أموالاً وأسلحةً كثيرة.[٥]


بني قينقاع

يُعدّ بنو قينقاع أحد أهم القبائل اليهودية التي سكنت المدينة المنورة، وهم قوم عبد الله بن سلام، عاهدهم النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما وضع وثيقة المدينة المنورة بعد الهجرة إليها؛ لتنظيم علاقتهم بالمسلمين وضمان حقهم في المدينة المنور، فكان عليهم تجاه المدينة المنورة من الحماية والدفاع ما على المسلمين؛ ولكنّهم لمّا رأوا وحدة المسلمين تحت راية الإسلام غاظهم ذلك، وتحديداً وحدة الأوس والخزرج الذين كانوا يقتاتون على الفتنة بينهم، وإثارة ما كان بينهم من عداء، فازدادوا حقداً بذلك، وأخذوا يشيعون النزاعات بين المسلمين.[٦]


ومن ذلك ما كان من زعيم لهم يُدعى بشاس بن قيس؛ الذي مرّ بجمعٍ من المسلمين من الأوس والخزرج، فبعث لهم فتى يُذّكرهم بيوم البعاث الذي اقتتلوا فيه بالماضي، ففعل هذا الفتى ما أُمر به، وأثار غضب الفريقين، وحملوا السلاح في وجوه بعضهم بعضاً، حتى كادت تشبّ بينهم الحرب من جديد؛ فخرج إليهم النبي -صلى الله عليه وسلم- غاضباً، وأخذ يعظهم ويُذكرهم بنعمة الإسلام، وأنّ ما كان بينهم هو من دعوى الجاهلية؛ فهدأ القوم وعلموا أنّها نزعة من الشيطان، ومكيدة من عدوهم.[٦]

المراجع

  1. صفي الرحمن المباركفوري، الرحيق المختوم مع زيادات، صفحة 172. بتصرّف.
  2. محمود شيت خطاب، الرسول القائد، صفحة 153. بتصرّف.
  3. صفي الرحمن المباركفوري، الرحيق المختوم مع زيادات، صفحة 171. بتصرّف.
  4. إبراهيم الإبياري، الموسوعة القرآنية، صفحة 156، جزء 1. بتصرّف.
  5. ^ أ ب ابن سعد، الطبقات الكبرى، صفحة 28-29، جزء 2. بتصرّف.
  6. ^ أ ب أحمد أحمد غلوش، السيرة النبوية والدعوة في العهد المدني، صفحة 309-310. بتصرّف.