أهمية وصايا الرسول

الوصية النافعة لا تصدر إلّا من محبٍّ ناصحٍ صَادقٍ مُخلصٍ، ولذلك حَرِصَ النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- على نُصْح المسلمين بكلّ ما فيه خيرٌ لهم من أمور الدِّين والدُّنيا، فليس هناك مَن هو أشدّ حبًّا للخير منه، فلا يعلمُ خيراً إلاَّ دلَّ الأمة عليه ولا يعلمُ شراً إلّا وحذّر الأمّة منه،[١] قال -تعالى-: (لَقَد جاءَكُم رَسولٌ مِن أَنفُسِكُم عَزيزٌ عَلَيهِ ما عَنِتُّم حَريصٌ عَلَيكُم بِالمُؤمِنينَ رَءوفٌ رَحيمٌ)،[٢]ولقد أوصى -عليه الصلاة والسلام- بالكثير من الأمور التي ينبغي على المؤمن ألّا يتردّد في قبولها والعمل بها، وفي المقال بيانٌ لبعضها.


من وصايا الرسول

الوصية بالعمل بكتاب الله

أوصى الرسول -عليه الصلاة والسلام- بالعمل بما نصّ عليه القرآن الكريم من الأوامر والانتهاء عمّا نهى عنه، أخرج الإمام البخاري في صحيحه: (سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بنَ أبِي أوْفَى رَضِيَ اللَّهُ عنْهما هلْ كانَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أوْصَى؟ فَقالَ: لَا، فَقُلتُ: كيفَ كُتِبَ علَى النَّاسِ الوَصِيَّةُ أوْ أُمِرُوا بالوَصِيَّةِ؟ قالَ: أوْصَى بكِتَابِ اللَّهِ)،[٣] وقال الإمام النوويّ -رحمه الله- شارحاً الحديث: (وقوله ‌أوصى ‌بكتاب ‌الله أي بالعمل بما فيه).[٤]


الوصية بتقوى الله والسمع والطاعة لولي الأمر

حثّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أصحابه -رضي الله عنهم- على التقوى والسمع والطاعة لولاة الأمور وعدم عصيانهم، فقد ورد عن العرباض بن سارية -رضي الله عنه- عن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: (أوصيكم بتقوى اللهِ والسَّمعِ والطَّاعةِ وإنْ تأمَّر عليكم عبدٌ، فإنه من يَعِشْ منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسُنَّتي وسنةِ الخلفاءِ الراشدينَ من بعدي، تمسَّكوا بها وعَضُّوا عليها بالنواجذِ، وإياكم ومحدثاتِ الأمورِ فإنَّ كلَّ محدثةٍ بدعَةٌ، وكلَّ بدعَةٍ ضلالةٌ)،[٥] وقال -عليه الصلاة والسلام- لرجل أراد السفر: (عليكَ بتقوَى اللَّهِ والتَّكبيرِ على كُلِّ شَرَفٍ).[٦][٧]


الوصيّة بالصلاة

أوصى الرسول -عليه الصلاة والسلام- بالمحافظة على الصلاة أكثر من مرّةٍ، منها: ما ورد عن عبادة بن الصامت -رضي الله عنه-: (صلُّوا الصلاةَ لوقتِها)،[٨] كما أوصى أيضاً بصلاة الوتر وركعتي الضحى، فقد ثبت في الصحيح عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: (أَوْصَانِي خَلِيلِي بثَلَاثٍ لا أدَعُهُنَّ حتَّى أمُوتَ: صَوْمِ ثَلَاثَةِ أيَّامٍ مِن كُلِّ شَهْرٍ، وصَلَاةِ الضُّحَى، ونَوْمٍ علَى وِتْرٍ).[٩][٧]


الوصيّة بالنساء خيراً

أوصى النبيّ -عليه الصلاة والسلام- بالإحسان للمرأة، وتقوى الله في معاملتها، ومن ذلك: قوله -صلّى الله عليه وسلّم-: (اسْتَوْصُوا بالنِّسَاءِ خَيْرًا)،[١٠] وربط النبيّ بين الخيرية وبين الإحسان إلى المرأة والأهل بقوله: (خيرُكم خيرُكم لأهلِه وأنا خيرُكم لأهلي).[١١][٧]


الوصيّة بالجار

أخرج البخاري في صحيحه عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (ما زالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بالجارِ، حتَّى ظَنَنْتُ أنَّه سَيُوَرِّثُهُ)،[١٢] وقال الحافظ ابن حجر: (ويحصل امتثال الوصية به، بإيصال ضروب الإحسان إليه بحسب الطاقة كالهدية والسلام وطلاقة الوجه عند لقائه وتفقّد حاله ومعاونته فيما يحتاج إليه، وكفّ أسباب الأذى عنه، على اختلاف أنواعه حسيةً كانت أو معنويةً).[١٣][٧]


المراجع

  1. عطية محمد سالم، وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم، صفحة 7. بتصرّف.
  2. سورة التوبة، آية:128
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن أبي أوفى، الصفحة أو الرقم:5022 ، صحيح.
  4. يحيى بن شرف النووي، شرح النووي على مسلم، صفحة 88.
  5. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن العرباض بن سارية، الصفحة أو الرقم:2549 ، صحيح.
  6. رواه الترمذي، في سنن الترمذي، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:3445، حسن.
  7. ^ أ ب ت ث فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ (10/4/2018)، "من وصايا الرسول عليه الصلاة والسلام"، الألوكة، اطّلع عليه بتاريخ 5/9/2021. بتصرّف.
  8. رواه الألباني، في صحيح الجامع، عن عبادة بن الصامت، الصفحة أو الرقم:2429، صحيح.
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أبو هريرة، الصفحة أو الرقم:1178 ، صحيح.
  10. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، الصفحة أو الرقم:1468، صحيح.
  11. رواه الألباني، في صحيح الترمذي، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:3895، صحيح.
  12. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدا لله بن عمر، الصفحة أو الرقم:6015 ، صحيح.
  13. ابن حجر العسقلاني، فتح الباري، صفحة 442.