تعامل الرسول مع الأطفال

كان النبي -صلى الله عليه وسلم رحمة مهداة للعالمين، كما كان عطفه وحنانه وإشفاقه على الأطفال جليّاً لك من حوله؛ فقد كان أنس بن مالك -رضي الله عنه- يقول: (ما رَأَيْتُ أَحَدًا كانَ أَرْحَمَ بالعِيَالِ مِن رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ)،[١] كما تشهد العديد من قصص السيرة النبوية حسن تعامله -صلى الله عليه وسلم-، واهتمامه، وتقديره لهذه الفئة الغضّة، ولا ننسى حسن التوجيه والإرشاد في مختلف المواقف التي تستدعي ذلك، وفي هذا المقال بيان بعض الأمثلة على هذا.


مداعبته لهم

حيث كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يُمازح الأطفال ويُداعبهم؛ فقد كان حفيديه الحسن والحسين -رضي الله عنهما- يدخلان معه -أحياناً- إلى المسجد، ويفقزان على ظهره عند السجود، فيُطيل سجوده حتى ينهيا لعبهما؛ حتى يظنّ الصحابة أنّ قد أوُحي إليه أو أصابه أمر ما؛ فيجيبهم النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد صلاته: (كلُّ ذلكَ لم يكُنْ، ولكنَّ ابْني ارْتَحَلَني، فكرِهْتُ أنْ أُعْجِلَهُ حتَّى يَقضيَ حاجتَهُ).[٢][٣]


مواساته لحزنهم

إذ كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يُقدّر حزن الأطفال دون أن يستهين بمشاعرهم، فقد ثبت في الصحيح أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يُداعب أخاً لأنس بن مالك -رضي الله عنه-، لمّا علم حزنه على طائر قد مات له؛ فكان يقول له: (يا أبَا عُمَيْرٍ، ما فَعَلَ النُّغَيْرُ؟)،[٤] فكان في ذلك ملاطفة وأنساً منه -صلى الله عليه وسلم- لهذا الصبيّ الصغير، وتواضعاً منه بالاهتمام في شأنٍ كهذا.[٥]


حسن إرشاده لهم

كان -صلى الله عليه وسلم- معلماً رحيماً، يهتمّ بإرشاد الأطفال بأحسن الأساليب وألطفها؛ فلا ينهرهم ولا يُحرجهم، بل كان يُشاركهم في مجلسه، ويُقربهم منه -صلى الله عليه وسلم-؛ فيكون زرعه وغرسه ذا أثر عظيم في نفوسهم.


ومما يُذكر في هذا المقام قصّة الصحابي عمر بن أبي سلمة -رضي الله عنهما-، الذي كان صغيراً يتيماً في حجر النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكان يُشاركه مجلس الطعام فتطيش يده في الوعاء هنا وهناك؛ فيرشده النبي -صلى الله عليه وسلم- برويّة وهدوء، ويعلّمه ويعلّم أمته من بعده آداب الطعام؛ حيث يقول له: (يا غُلَامُ، سَمِّ اللَّهَ، وكُلْ بيَمِينِكَ، وكُلْ ممَّا يَلِيكَ)،[٦] وتكون هذه الآداب هي ما يتعاهده عمر بن أبي سلمة حتى شبّ، وروى هذا الحديث.[٧]


هديّ الرسول وتعاليمه عند ولادة الأطفال

ومما يُظهر حسن اهتمامه -صلى الله عليه وسلم بالأطفال، وحرصه على الاعتناء بهم على أتمّ وجه منذ ولادتهم، وحتى قبل لك؛ أنّه شرع لأمته -صلى الله عليه وسلم- عدداً من السنن التي يُقتدى بها من بعده -صلى الله عليه وسلم-، ومن ذلك:[٨]

  • حسن الاختيار من قبل الرجال والنساء؛ فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: (تخيَّروا لنُطَفِكم، فانكِحوا الأكفاءَ وأَنكِحوا إليهم).[٩][١٠]
  • إرشاد الزوجين بالدعاء النافع عند المعاشرة؛ بأنّ يقولا: (بسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ جَنِّبْنَا الشَّيْطَانَ وجَنِّبِ الشَّيْطَانَ ما رَزَقْتَنَا).[١١]
  • التوجيه نحو عدد من السنن عند ولادة الطفل؛ منها:
  • الأذان في أذني المولود.
  • التّحنيك بالتمر.
  • حلق الشعر.
  • ذبح العقيقة.
  • الحثّ على حسن اختيار أسماء الأبناء؛ فقد ثبت في الصحيح أنّ النبي -صلى الله عليه وسلم- غيّر أسماء عدد من الصحابة، لأسماء أخرى أجمل وأحسن.



مواضيع أخرى:

أخلاق النبي محمد

شخصية الرسول مع الشباب وكيف تعامل معهم

المراجع

  1. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:2316، صحيح.
  2. رواه النسائي، في السنن الكبرى، عن شداد بن الهاد الليثي، الصفحة أو الرقم:1140، صححه الألباني.
  3. حسام الدين عفانة، فتاوى يسألونك، صفحة 251، جزء 2. بتصرّف.
  4. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:6203، صحيح.
  5. عبد الله عبادى اللحجى، منتهى السؤل على وسائل الوصول إلى شمائل الرسول (ص)، صفحة 550-551، جزء 2. بتصرّف.
  6. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عمر بن أبي سلمة، الصفحة أو الرقم:5376، صحيح .
  7. سعيد بن وهف القحطاني، الذكر والدعاء والعلاج بالرقى من الكتاب والسنة، صفحة 537، جزء 2. بتصرّف.
  8. عائض القرني، دروس الشيخ عائض القرني، صفحة 4-7، جزء 320. بتصرّف.
  9. رواه ابن ماجه، في سنن ابن ماجه، عن عائشة أم المؤمنين، الصفحة أو الرقم:1968، صححه الألباني.
  10. مجموعة من المؤلفين، الموسوعة الفقهية الكويتية، صفحة 232، جزء 41. بتصرّف.
  11. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبد الله بن عباس، الصفحة أو الرقم:3271، صحيح.