شرَّع الله سبحانه وتعالى لعباده عددًا من العبادات؛ ليتقرَّبوا إليه بأدائها، وإنَّ من أعظم العبادات التي أمرنا الله سبحانه وتعالى بها هي الصَّلاة على النبيِّ صلى الله عليه وسلم، إذ يقول الله عزَّ وجلَّ: "إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا"،[١] وإن هذا الأمر الرباني يشتمل على الكثير من الفوائد والآثار التي تنعكس على الفرد المسلم بالأثر الكثير والعظيم، وكلَّما صَّلى العبد على نبيِّه صلى الله عليه وسلم ابتغاءً للأجر من الله سبحانه وتعالى، كان له ذلك الأجر من الله.


عِظم الصَّلاة على النَّبيّ

تشتمل الصَّلاة على النبي صلى الله عليه وسلم على أجر عظيم وخير كبير يكسبه العبد، وفيما يأتي عرض لبعض تلك الآثار التي تبين عظم الصلاة على النبي:[٢]


1. رد الصلاة بعشرة أمثالها

فمن صلّى على النبيِّ صلى الله عليه وسلم صلاةً واحدةً، صلَّى الله عليه عشرًا، بمعنى أنَّ الله سبحانه وتعالى يعطي هذا العبد عشرًا من الرَّحمة والرضوان والمغفرة، كما قال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلم: "إذا سَمِعْتُمُ المُؤَذِّنَ، فَقُولوا مِثْلَ ما يقولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ، فإنَّه مَن صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً صَلَّى اللَّهُ عليه بها عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا اللَّهَ لِيَ الوَسِيلَةَ، فإنَّها مَنْزِلَةٌ في الجَنَّةِ، لا تَنْبَغِي إلَّا لِعَبْدٍ مِن عِبادِ اللهِ، وأَرْجُو أنْ أكُونَ أنا هُوَ، فمَن سَأَلَ لي الوَسِيلَةَ حَلَّتْ له الشَّفاعَةُ".[٣]


2. نيل الشفاعة

إذ إنَّ الصَّلاة على النبيّ هي من أسباب شفاعته صلى الله عليه وسلم لنا يوم القيامة إلى جانب الكثير من الأعمال الصالحة والسنن، ويمكننا الاستدلال على ذلك بحديثه صلى الله عليه وسلم: "مَن قالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ: اللَّهُمَّ رَبَّ هذِه الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ، والصَّلَاةِ القَائِمَةِ آتِ مُحَمَّدًا الوَسِيلَةَ والفَضِيلَةَ، وابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الذي وعَدْتَهُ، حَلَّتْ له شَفَاعَتي يَومَ القِيَامَةِ"،[٤] وإن ذكر الشفاعة في هذا الحديث بعد الدعاء للرسول صلى الله عليه وسلم يحتمل أن تكون الصلاة على النبي موجبة للشفاعة؛ إذ إن الصلاة على النبي دعاء له.


3. رفع الدعاء

إنَّ دعاء العبد لله سبحانه وتعالى محجوبٌ حتَّى يُصلِّي على النبي، كما قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "كلُّ دُعَاءٍ مَحْجُوبٌ حتى يُصلَّى على النبيِّ"،[٥] لذلك فإن الصلاة على النبي هي مفتاح الدعاء؛ إذ يبدأ المسلم دعاءه بحمد الله والثناء عليه ثم يصلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويطلب حاجته.


4. تجنب الذل

إذ إنَّ من ذُكِرَ عنده النبي فلم يصلِّ عليه كان من أدنى النَّاس وأكثرهم ذلًّا، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "رَغِمَ أنْفُ رَجلٍ ذُكِرتُ عِندَه فلَمْ يُصلِّ عليَّ، ورَغِمَ أنفُ رجلٍ دخل عليه رمضانُ ثُم انْسَلَخَ قبلَ أن يُغفرَ لهُ، ورَغِمَ أنْفُ رجلٍ أدركَ عِندَه أبواهُ الكبَرُ فلم يُدْخِلاهُ الجنةَ"،[٦] ورغم أنفه أي: التصق بالتُّراب من الذلة والهوان، وهذا بمنزلة دعاء من النبي صلى الله عليه وسلام على من لا يصلي عليه.


متى تكون الصَّلاة على النبي؟

للصَّلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أوقات تكون فيها واجبةً، وأخرى تكون فيها مستحبَّة، وفيما يأتي توضيح لأبرز تلك الأوقات:[٧]


الصلاة الواجبة على رسول الله

تكون الصلاة على رسول الله واجبةً إذا كانت داخل الصَّلاة في التَّشهد الأوسط أو الأخير، فلا تصحُّ صلاة العبد دون التَّشهد، فهو ركنٌ من أركان الصَّلاة.


الصلاة المستحبة على رسول الله

تكون الصلاة على رسول الله مستحبَّة إذا ما كانت خارج الصَّلاة في بعض الأوقات المخصوصة كوقت الانتهاء من سماع الآذان.


الصلاة على رسول الله يوم الجمعة

إن يوم الجمعة من أفضل الأيام وعليه فإن الصلاة على رسول الله فيه لها منزلة خاصة، كما قال النَّبي صلى الله عليه وسلم: "إنَّ مِن أفضَلِ أيامِكم يَومَ الجُمُعةِ، فأكْثِروا عليَّ مِن الصَّلاةِ فيه؛ فإنَّ صَلاتَكُم مَعروضةٌ عليَّ".[٨]


صفة الصَّلاة على النبي

علمنا النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم كيفيَّة الصَّلاة عليه وعلى أهل بيته، وذلك في الحديث المروي عن أبي حميد الساعدي فقد قال: "يَا رَسولَ اللَّهِ، كيفَ نُصَلِّي عَلَيْكَ؟ قَالَ: قُولوا: اللَّهُمَّ صَلِّ علَى مُحَمَّدٍ وأَزْوَاجِهِ وذُرِّيَّتِهِ، كما صَلَّيْتَ علَى آلِ إبْرَاهِيمَ، وبَارِكْ علَى مُحَمَّدٍ وأَزْوَاجِهِ وذُرِّيَّتِهِ، كما بَارَكْتَ علَى آلِ إبْرَاهِيمَ، إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ".[٩][١٠]


المراجع

  1. سورة الأحزاب ، آية:56
  2. محمد جميل زينو ، مجموعة رسائل التوجيهات الإسلامية لإصلاح الفرد والمجتمع، صفحة 431، جزء 3. بتصرّف.
  3. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمرو، الصفحة أو الرقم:384، صحيح.
  4. رواه جابر بن عبد الله، في البخاري، عن صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم:614، صحيح.
  5. رواه الألباني ، في صحيح الجامع، عن أنس بن مالك وعلي بن أبي طالب وعبدالله بن بسر ومعاذ بن جبل، الصفحة أو الرقم:4523، صحيح.
  6. رواه الألباني ، في صحيح البخاري ، عن أبوهريرة ، الصفحة أو الرقم:3510، صحيح .
  7. مجموعة من المؤلفين ، فتاوى الشبكة الإسلامية، صفحة 649، جزء 10. بتصرّف.
  8. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج رياض الصالحين، عن أوس بن أبي أوس وقيل أوس بن أوس والد عمرو، الصفحة أو الرقم:1158، صحيح.
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري ، عن أبو حميد الساعدي، الصفحة أو الرقم:6360، صحيح.
  10. صالح أحمد الشامي (24/10/2019)، "الصَّلاة على النبي صلى الله عليه وسلم "، الألوكة الشرعية ، اطّلع عليه بتاريخ 8/9/2021. بتصرّف.