غزوة خيبر

كانت غزوة خيبر من الغزوات المهمة والفاصلة في تاريخ الدعوة الإسلامية، فمن خلالها تمَّ القضاء على خطر اليهود الذين لم يتوقفوا عن كيد المؤامرات والدسائس ضد المسلمين، وتحريض القبائل العربية على حرب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فكان لا بدَّ من التصدي لهذا الخطر المتربص ناحية الشمال من جزيرة العرب، في أرض خيبر التي تبعد ثمانين ميلاً عن المدينة المنورة، والتي تجمّع فيها اليهود بعد إخراجهم من المدينة، وتحصّنوا في حصونها المنيعة، وبدأوا من هناك يحاولون الانتقام من المسلمين، ويبذلون كل جهودهم من أجل القضاء على الإسلام، ويستخدمون أساليبهم الماكرة والخبيثة في ذلك، فهم الذين ألَّبوا الأحزاب على حرب المسلمين، وهم من كانوا وراء كل فتنة وأذى أصاب المسلمين، بنقضهم العهود والمواثيق، وخيانتهم وغدرهم، فأراد النبي -صلى الله عليه وسلم- تأديبهم ومعاقبتهم، وقد حدثت غزوة خيبر في شهر المحرم من العام السابع للهجرة النبوية، بعد أقل من شهر من صلح الحديبية، وكان الفتح فيها والنصر للمسلمين.[١]


كم عدد المسلمين في غزوة خيبر؟

كان عدد المسلمين في غزوة خيبر هو ألف وأربعمائة مقاتل، وهم أهل بيعة الرضوان، الذين بايعوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على الموت تحت الشجرة في غزوة الحديبية، وذلك أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يقبل أن يخرج معه في غزوة خيبر إلا من كان راغباً في الجهاد وصادق النية، وذلك بعد أن تخلّف المنافقون عن الخروج معه في غزوة الحديبية، ونزل الأمر الإلهي بعدم السماح لهم في الخروج إلى خيبر، لأنَّهم خونة ولا يخرجون إلا من أجل الغنائم، قال -تعالى: {سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ ۖ يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللَّهِ ۚ قُل لَّن تَتَّبِعُونَا كَذَلِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِن قَبْلُ ۖ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا ۚ بَلْ كَانُوا لَا يَفْقَهُونَ إِلَّا قَلِيلًا}.[٢][٣]


من بطولات المسلمين في غزوة خيبر

بعد أن استعصى حصن ناعم -وهو أول حصون اليهود في خيبر- على المسلمين، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الليلة العاشرة من حصار الحصن: (لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ، أوْ لَيَأْخُذَنَّ الرَّايَةَ، غَدًا رَجُلًا يُحِبُّهُ اللَّهُ ورَسولُهُ، أوْ قَالَ: يُحِبُّ اللَّهَ ورَسولَهُ، يَفْتَحُ اللَّهُ عليه)،[٤] فبات الصحابة ليلتهم تلك وكلهم يرجو أن يكون ذلك الرجل، فلما جاء اليوم التالي أعطى النبي -صلى الله عليه وسلم- الراية لعلي بن أبي طالب -رضي الله عنه- وقال له: (انْفُذْ علَى رِسْلِكَ حتَّى تَنْزِلَ بسَاحَتِهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إلى الإسْلَامِ، وأَخْبِرْهُمْ بما يَجِبُ عليهم، فَوَاللَّهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بكَ رَجُلًا خَيْرٌ لكَ مِن أنْ يَكونَ لكَ حُمْرُ النَّعَمِ)،[٥] فأخذ علي الراية وانطلق ينفذ الأوامر بحذافيرها، فخرج له مرحب اليهودي يريد القتال ويتباهى بنفسه ويقول: "قد علمت خيبر أني مرحبُ...شاكي السلاح بطل مجربُ"، فردَّ عليه علي -رضي الله عنه- بقوله: "أنا الذي سمتني أمي حيدرة...كليث غابات كريه المنظره...أوفيهمُ بالصاع كيل السندره"، ثمَّ ضربه بالسيف ضربةً شديدةً فقتله، وكان الفتح على يديه -رضي الله عنه-.[٦]


المراجع

  1. راغب السرجاني، السيرة النبوية، صفحة 2. بتصرّف.
  2. سورة الفتح، آية:15
  3. المباركفوري، الرحيق المختوم، صفحة 334. بتصرّف.
  4. رواه البخاري، في البخاري، عن سلمة بن الأكوع، الصفحة أو الرقم:3702 ، حديث صحيح.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن سهل بن سعد الساعدي، الصفحة أو الرقم:3009، حديث صحيح.
  6. موسى العازمي، اللؤلؤ المكنون في سيرة النبي المأمون، صفحة 410. بتصرّف.