الشفاعة

يُراد بالشفاعة: تحقيق خيرٍ وبرٍّ أو طرد شرٍّ وبلاءٍ، وشفاعة النبيّ -عليه الصلاة والسلام- يوم القيامة تكون لدى الله -عزّ وجلّ- لدفع الشرّ وتحقيق الخير للعباد المشفوع لهم.[١]



كم عدد الذين يشفع لهم الرسول؟

اختصّ الله -تعالى- نبيّه -صلّى الله عليه وسلّم- بأن منحه بعض الشفاعات يوم القيامة، فشفاعاته تتفرّع إلى شفاعةٍ عامةٍ عظمى وشفاعاتٍ خاصةٍ بأمّته، وفيما يأتي بيانها وتفصيلها:[٢][٣]


شفاعة الرسول العامة العظمى

تكون الشفاعة العظمى لجميع الخَلْق، ويختصّ بها النبيّ -عليه الصلاة والسلام- من بين سائر الأنبياء والرسل -عليهم السلام-، فيشفع -عليه الصلاة والسلام- لجميع الخلائق بتعجيل الحساب، وهي من أعظم الشفاعات، وقد أجمع عليها العلماء، ويُستدلّ عليها بقول الله -تعالى-: (وَمِنَ اللَّيلِ فَتَهَجَّد بِهِ نافِلَةً لَكَ عَسى أَن يَبعَثَكَ رَبُّكَ مَقامًا مَحمودًا)،[٤] فالمُراد بالمقام المحمود شفاعة النبيّ -عليه الصلاة والسلام- بجميع المخلوقات، ويُستدلّ عليها أيضاً بما أخرجه الإمام البخاريّ في صحيحه عن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما-: (إنَّ الشَّمْسَ تَدْنُو يَومَ القِيَامَةِ، حتَّى يَبْلُغَ العَرَقُ نِصْفَ الأُذُنِ، فَبيْنَا هُمْ كَذلكَ اسْتَغَاثُوا بآدَمَ، ثُمَّ بمُوسَى، ثُمَّ بمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وزَادَ عبدُ اللَّهِ بنُ صَالِحٍ، حدَّثَني اللَّيْثُ، حدَّثَني ابنُ أَبِي جَعْفَرٍ: فَيَشْفَعُ لِيُقْضَى بيْنَ الخَلْقِ، فَيَمْشِي حتَّى يَأْخُذَ بحَلْقَةِ البَابِ، فَيَومَئذٍ يَبْعَثُهُ اللَّهُ مَقَامًا مَحْمُودًا، يَحْمَدُهُ أَهْلُ الجَمْعِ كُلُّهُمْ).[٥][٢][٣]


شفاعات الرسول الخاصة

خصّ الله -تعالى- نبيّه بشفاعاتٍ إضافةً للشفاعة العامة فيما يأتي ذكرهنّ:[٢][٣]

  • الشفاعة لأهل الجنة بدخولها: يشفع النبيّ -عليه الصلاة والسلام- لأهل الجنة لدخولها بعد الانتهاء من الحساب، استدلالاً بما ثبت في الصحيح عنه -عليه السلام-: (أنا أكْثَرُ الأنْبِياءِ تَبَعًا يَومَ القِيامَةِ، وأنا أوَّلُ مَن يَقْرَعُ بابَ الجَنَّةِ).[٦]
  • الشفاعة لتخفيف العذاب بأبي طالب: يشفع النبيّ -عليه الصلاة والسلام- بعمّه أبي طالب لتخفيف العذاب عنه رغم أنّه لم يُسلم؛ وذلك بسبب دفاعه عن النبيّ ونُصرته له أثناء فترة دعوته، يدلّ على تلك الشفاعة ما أخرجه الإمام البخاري في صحيحه عن العباس بن عبد المطلب: (يَا رَسولَ اللَّهِ، هلْ نَفَعْتَ أبَا طَالِبٍ بشَيءٍ؟ فإنَّه كانَ يَحُوطُكَ ويَغْضَبُ لَكَ، قالَ: نَعَمْ، هو في ضَحْضَاحٍ مِن نَارٍ، لَوْلَا أنَا لَكانَ في الدَّرَكِ الأسْفَلِ مِنَ النَّارِ).[٧]
  • الشفاعة لرفع درجات بعض أهل الجنة: ويُستدلّ عليها بالعديد من الأحاديث النبوية، منها: ما أخرجه الإمام مسلم عن أم سلمة -رضي الله عنها-: (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لأَبِي سَلَمَةَ وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ في المَهْدِيِّينَ، وَاخْلُفْهُ في عَقِبِهِ في الغَابِرِينَ، وَاغْفِرْ لَنَا وَلَهُ يا رَبَّ العَالَمِينَ، وَافْسَحْ له في قَبْرِهِ، وَنَوِّرْ له فِيهِ).[٨]
  • الشفاعة لبعض المؤمنين بدخول الجنة دون حسابٍ: والدليل عليها ما ثبت في صحيح البخاري عن عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي -عليه الصلاة والسلام-: (عُرِضَتْ عَلَيَّ الأُمَمُ، فأخَذَ النبيُّ يَمُرُّ معهُ الأُمَّةُ، والنبيُّ يَمُرُّ معهُ النَّفَرُ، والنبيُّ يَمُرُّ معهُ العَشَرَةُ، والنبيُّ يَمُرُّ معهُ الخَمْسَةُ، والنبيُّ يَمُرُّ وحْدَهُ، فَنَظَرْتُ فإذا سَوادٌ كَثِيرٌ، قُلتُ: يا جِبْرِيلُ، هَؤُلاءِ أُمَّتِي؟ قالَ: لا، ولَكِنِ انْظُرْ إلى الأُفُقِ، فَنَظَرْتُ فإذا سَوادٌ كَثِيرٌ، قالَ: هَؤُلاءِ أُمَّتُكَ، وهَؤُلاءِ سَبْعُونَ ألْفًا قُدّامَهُمْ لا حِسابَ عليهم ولا عَذابَ، قُلتُ: ولِمَ؟ قالَ: كانُوا لا يَكْتَوُونَ، ولا يَسْتَرْقُونَ، ولا يَتَطَيَّرُونَ، وعلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ).[٩]
  • الشفاعة لأصحاب الذنوب من المسلمين بدخول الجنة: فيشفع النبيّ -عليه الصلاة والسلام- لأهل الذنوب من المسلمين الذين دخلوا النار بالخروج منها ودخول الجنة، ومن الأدلة عليها: ما أخرجه الإمام البخاري في صحيحه عن عمران بن الحصين -رضي الله عنه- عن النبيّ -عليه الصلاة والسلام-: (يَخْرُجُ قَوْمٌ مِنَ النَّارِ بشَفاعَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فَيَدْخُلُونَ الجَنَّةَ، يُسَمَّوْنَ الجَهَنَّمِيِّينَ).[١٠]
  • الشفاعة لبعض الأقوام بعدم دخول النار: فيشفع -عليه الصلاة والسلام- لأقوامٍ بدخول الجنة رغم أنّ مصيرهم النار.
  • الشفاعة لمَن تساوت حسناته وسيئاته: فيشفع النبي -عليه الصلاة والسلام- لمَن تساوت حسناته وسيئاته ويُدخله الجنة.

المراجع

  1. خالد المصلح، شرح لمعة الاعتقاد، صفحة 3. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت مجموعة من المؤلفين، مجلة البحوث الإسلامية، صفحة 131-149. بتصرّف.
  3. ^ أ ب ت محمد صالح المنجد، "أنواع الشفاعة"، إسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 13/7/2021. بتصرّف.
  4. سورة الإسراء ، آية:79
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عمر، الصفحة أو الرقم:1474، صحيح.
  6. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:196، صحيح.
  7. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن العباس بن عبدالمطلب، الصفحة أو الرقم:6208، صحيح.
  8. رواه مسلم، في صحيح مسلم، عن أم سلمة، الصفحة أو الرقم:920، صحيح.
  9. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عباس، الصفحة أو الرقم:6541، صحيح.
  10. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عمران بن الحصين، الصفحة أو الرقم:6566، صحيح.