قصة وضع القمامة أمام بيت النبي

وردت في بعض كتب الحديث قصة تحكي عن ذهاب النبي -صلى الله عليه وسلم- مع بعض أصحابه لزيارة جاره اليهودي المريض، وأن النبي -صلى الله عليه وسلم- طلب من اليهودي أن يُسلم، فنظر اليهودي إلى أبيه ولم يتكلم، فكرر النبي -صلى الله عليه وسلم- الطلب مرة أخرى، فقال له أبوه أسلم يا بني، فأسلم، فحمد النبيُّ اللهَ -تعالى- على أنه أعتق رقبةً من النار،[١] فقام بعض الناس بإضافة زيادة على هذه القصة، وقد انتشرت هذه الزيادة واشتهرت كثيراً، فذكروا بأن سبب زيارة النبي-صلى الله عليه وسلم- لهذا اليهودي هو أنه كان يضع القمامة أمام بيت النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يخرج من بيته كل يوم فيجد القمامة أمامه فيزيلها، فخرج يوماً من الأيام فلم يجدها، فذهب إلى اليهودي يتفقد أمره فوجده مريضاً، فتفاجأ اليهودي من زيارة النبي -صلى الله عليه وسلم- فأسلم.[٢]


هل تصح قصة وضع القمامة أمام بيت النبي؟

إن قصة وضع القمامة أمام بيت النبي -صلى الله عليه وسلم- هي قصة غير صحيحة أبداً، وذلك لأن هذه القصة لم ترد أبداً في كتب الحديث، ولم يروها أحدٌ من الرواة أبداً، فلا أصل لها،[٢] ولا تجوز روايتها، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (مَن كذَب عليَّ مُتعمِّدًا، فإنَّ له بيتًا في النَّارِ)،[٣] ولو فرضنا جدلاً بأن هذه القصة صحيحة من حيث الرواية، فإنها لا تصح من حيث المعنى، للأسباب التالية:[٤]

  • أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يخالط اليهود إلا في المدينة المنورة، ولا يجرؤ اليهود على أن يفعلوا ذلك، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان قائد المسلمين الذي كانوا في قوة، وكان اليهود يكيدون للإسلام في الخفاء فقط.
  • لا يُمكن أن يرى الصحابة القمامة أمام بيت النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم يتركونها، حتى يضطر النبي -صلى الله عليه وسلم- لإزالتها، ففي هذا الأمر انتقاص من إجلال الصحابة للنبي -صلى الله عليه وسلم- وتوقيرهم له.
  • قد يكون الهدف من حكاية مثل هذه القصة لدى بعض الوعاظ والمربين، هو أن يُظهر تسامح الإسلام، لكن هذا ليس تسامحاً بل هو ضعف وقبول بالهوان، وحاشا للرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يرضى بذلك، فهو قد يعفو عمن أساء له مرة من المرات، كالذي شدّه من ثوبه وطلب منه عطاءً، أما أن يقوم يهودي بالإساءة اليومية ويسكت عنه النبي -صلى الله عليه وسلم- فهذا ما لا يصح ولا يليق بمقام النبوة الكريم.

ما هي القصة الصحيحة؟

القصة الصحيحة هي التي ثبتت في السنة النبوية الصحيحة، جاء في الحديث: (كانَ غُلَامٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَمَرِضَ، فأتَاهُ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَعُودُهُ، فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَقالَ له: أسْلِمْ، فَنَظَرَ إلى أبِيهِ وهو عِنْدَهُ فَقالَ له: أطِعْ أبَا القَاسِمِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأسْلَمَ، فَخَرَجَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وهو يقولُ: الحَمْدُ لِلَّهِ الذي أنْقَذَهُ مِنَ النَّارِ).[٥][٢]


المراجع

  1. ابن السني، عمل اليوم والليلة، صفحة 504. بتصرّف.
  2. ^ أ ب ت الإسلام سؤال وجواب (11/11/2010)، "هل تصح قصة الجار اليهودي الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يحسن إليه؟"، الإسلام سؤال وجواب، اطّلع عليه بتاريخ 24/11/2021. بتصرّف.
  3. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن أبو سعيد الخدري، الصفحة أو الرقم:11350، حديث صحيح.
  4. إياد قنيبي (4/5/2015)، "قصة اليهودي الذي كان يضع القمامة أمام باب النبي غير صحيحة"، طريق الإسلام، اطّلع عليه بتاريخ 24/11/2021. بتصرّف.
  5. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن أنس بن مالك، الصفحة أو الرقم:1356، حديث صحيح.