بيعة العقبة الكبرى

هي بيعة العقبة الثانية التي حدثت في السنة الثالثة عشر للبعثة، بين الأنصار والرسول -صلى الله عليه وسلم-، حيث قدم ثلاثة وسبعون رجلاً ممن أسلم من أهل المدينة إلى مكة متخفين، مع خمسمئة من مشركي قومهم، لتأدية الحج، وتساءل المسلمون فيما بينهم، إلى متى نترك الرسول -صلى الله عليه وسلم- يتعرض للأذى والمطاردة من المشركين؟، فاتفقوا أن يجتمعوا معه، وأن يبايعوه على الطاعة والنصرة، وكان مصعب بن عمير -رضي الله عنه- معهم، فذهب إلى منزل الرسول -صلى الله عليه وسلم- سراً، وأخبره بخبر الأنصار، فسُرَّ لذلك، ثم اجتمع معهم بعد الحج، في أوسط أيام التشريق، في الشِّعب عند العقبة بقرب الجمرة الأولى من منى، وتمت البيعة بينهم سرَّاً،[١] وسميت هذه البيعة ببيعة العقبة الكبرى، وقد أدى الأنصار هذه البيعة وقلوبهم تملؤها مشاعر الحب والولاء والنصرة للرسول -صلى الله عليه وسلم-، ولإخوانهم المستضعفين من أهل مكة.[٢]


عدد نقباء بيعة العقبة الكبرى

كان عدد نقباء بيعة العقبة الكبرى اثني عشر نقيباً، فبعد أن تمت البيعة طلب الرسول -صلى الله عليه وسلم- من الأنصار أن ينتخبوا منهم اثني عشر نقيباً من زعمائهم، كي يكونوا كفلاء على قومهم في تنفيذ بنود البيعة، فتم انتخاب النقباء في الحال، وكان عددهم اثنا عشر كما أمر الرسول -صلى الله عليه وسلم-، تسعةٌ منهم من الخزرج، وثلاثةٌ من الأوس،[٣] وكانت بنود البيعة تتضمن خمسة أمور، ورد ذكرها في حديث جابر بن عبد الله: (تُبايِعوني على السَّمعِ والطاعةِ في النَّشاطِ والكَسَلِ، وعلى النَّفَقةِ في العُسْرِ واليُسْرِ، وعلى الأمْرِ بالمَعْروفِ، والنَّهْيِ عن المُنكَرِ، وعلى أنْ تَقولوا في اللهِ لا تَأخُذُكُم فيه لَومةُ لائِمٍ، وعلى أنْ تَنصُروني إذا قَدِمْتُ يَثرِبَ، فتَمْنَعوني ممَّا تَمنَعون منه أنفُسَكُم وأزْواجَكُم وأبْناءكُم ولكم الجَنَّةُ).[٤][٥]


كيف تمت بيعة العقبة الكبرى؟

تواعد الأنصار مع الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن يلتقوا في الليل سراً، فخرجوا في منتصف الليل من خيامهم يتسللون خفية، فاجتمعوا في الشِّعب؛ وهو عبارة عن طريق ببن جبليْن، ينتظرون قدوم الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فجاء ومعه عمه العباس بن عبد المطلب، ولم يكن العباس يومها قد أسلم، ولكنه أراد أن يأتي مع ابن أخيه لسيتوثق له من القوم، وتكلم العباس قبل الرسول -صلى الله عليه وسلم- فأخبر الأنصار بضرورة أن يكونوا على قدر المسؤولية التي سيتولونها، فحماية الرسول -صلى الله عليه وسلم- ونصرته، ستتحول من أعمامه إليهم، فإن لم يكونوا قادرين على ذلك فليدعوه في حماية أعمامه،[٦] ثم تكلم الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فقرأ القرآن، ودعا إلى الله، ثم قال: (أُبايِعُكم على أنْ تمنَعوني ممَّا تمنَعونَ منه أنفسَكم ونساءَكم وأبناءَكم)،[٧] فأخذ البراء بن معرور بيد الرسول -صلى الله عليه وسلم- وقال له: (نعَم، فوالَّذي بعثَكَ بالحقِّ لنمنعنَّكَ ممَّا نمنَعُ أزُرَنا، فبايِعنا يا رسولَ اللهِ، فنحنُ واللهِ أبناءُ الحروبِ، ورِثناها كابرًا عن كابرٍ)،[٨][٩] وبايع الرسول -صلى الله عليه وسلم- الرجال جميعاً مصافحةً، وبايع المرأتين اللتيْن كانتا معهم من غير مصافحة.[١٠]


المراجع

  1. العازمي، اللؤلؤ المكنون، صفحة 579. بتصرّف.
  2. المباركفوري، الرحيق المختوم، صفحة 139. بتصرّف.
  3. المباركفوري، الرحيق المختوم، صفحة 137. بتصرّف.
  4. رواه شعيب الأرناؤوط، في تخريج المسند، عن جابر بن عبد الله، الصفحة أو الرقم:14653، حديث صحيح.
  5. المباركفوري، الرحيق المختوم، صفحة 134. بتصرّف.
  6. المباركفوري، الرحيق المختوم، صفحة 133-134. بتصرّف.
  7. رواه ابن حبان، في صحيح ابن حبان، عن كعب بن مالك وغيره، الصفحة أو الرقم:7011 ، أخرجه في صحيحه.
  8. رواه الألباني، في فقه السيرة، عن كعب بن مالك، الصفحة أو الرقم:149 ، حديث صحيح.
  9. محمد الغزالي، فقه السيرة، صفحة 160. بتصرّف.
  10. العازمي، اللؤلؤ المكنون، صفحة 589. بتصرّف.