للنبي صلى الله عليه وسلم مكانة عظيمة في قلوب المسلمين كافة، فهو أحب من مالهم وولدهم وأنفسهم، وفي ذلك دلالة على إيمان المرء، كيف لا وهو رسول الله خاتم الأنبياء والمرسلين، والذي بُعث في قومه وحمل همّ إيصال الرسالة الإلهية لنا، فتحمل الأذى من قومه من شتمٍ وقدح وذم، وأُخرج من أحب البقاع إلى قلبه مكة ليستمر في حمل الدعوة الإسلامية قرابة ثلاثة وعشرين عامًا، وقد أسس على إثرها دولة مبنية على الأحكام الإسلامية الإلهية وسيرةٍ عطرة يحتذي بها الناس جميعهم، كما كان للرسول صلى الله عليه وسلم أثر كبير على كل من هم حوله، وقد تعلق به جميع من صاحبوه وشاهدوا معجزاته وحسنه وصفاته، فنقلوا لنا وصف النبي صلى الله عليه وسلم من صفاتٍ أخلاقية وجسدية بأدق التفاصيل في وصفه، وحفظوها ونقلوها لنا حبًّا بالنبي صلى الله عليه وسلم واقتداءً به، وسنتحدث عن هذه الصفات في مقالنا.


صفات الرسول الجسدية

للنبي صلى الله عليه وسلم صفات جسدية نقلها لنا الصحابة بكامل تفاصيله على النحو الآتي:[١]


جسده

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مربوع القامة أي معتدل الطول، وليس بالطويل أو القصير، كما كان عريض الصدر وليس بالسمين أو النحيف.


لونه

كان صلى الله عليه وسلم أزهر اللون صافيًا مثل اللؤلؤ كما وصفه الصحابي أنس بن مالك، فلم يكن شديد البياض أو السُمرة.


وجهه

كان وجه النبي صلى الله عليه وسلم متوسطًا ما بين الاستدارة والإسالة، وكان جميل الوجه للناظرين، وإذا تبسم كان وجهه كفلقة القمر، وله حاجبان متقوسان بينهما اتصال خفيف لا يُرى في أغلب الأحيان، وهو ذو عينين سوداوين واسعتين، مشربة بحمرة في بياضهما، وهذا من علامات النبوة التي تحدث عنها الراهب قبل بعثته، وهو صاحب أنف طويل فيه ارتفاع في وسطه، وكان صلى الله عليه وسلم ذا خدين أبيضين، وفم واسع، وكانت في أسنانه فرقة بين ثناياه، وله لحية حسنة كثيفة المنابت، وكان صلى الله عليه وسلم بارز العنق.


رأسه

كان صلى الله عليه وسلم ذا رأس ضخم، وله شعر أسود ممشط ما بين النعومة والخشونة، وكان يتركه طويلًا في أغلب الأحيان ليصل شحمة أذنه، ولم يكن في شعر رأسه ولحيته إلا بعض شيبات، فقالوا حين مات صلى الله عليه وسلم كان له سبع عشرة شيبة في أرجح الروايات.


ذراعاه

كان صلى الله عليه وسلم طويل الذراعين أشعر، وكان واسع المنكبين أبيض الإبطين، أما كفه فهي واسعة وضخمة، لينة وناعمة كأنها قماش من حرير، وقد كانت أصابعه طويلة ليست منعقدة.


ساقاه

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أبيض الساقين، وضخم الأعضاء كالركبة والمفصل، وذلك دلالة على قوته، كما كان صلى الله عليه وسلم يشبه في قدميه إبراهيم عليه السلام، ولوحظ ذلك من خلال النظر في مقام إبراهيم وآثار أقدامه.


صفات الرسول الأخلاقية

عُرف النبي صلى الله عليه وسلم بحسن أخلاقه من قبل البعثة، فقد كان صلى الله عيه وسلم أسوة حسنة لنا، ومن صفاته الخَلقية التي عُرف بها النبي صلى الله عليه وسلم ما يأتي:[٢]


الصدق

كان صدق النبي صلى الله عليه وسلم من الخصال التي عُرف بها قبل الإسلام، إذ إنه لم يتحدث بأي كذبة قط، بل كان صادقًا مع نفسه وأهله وأصحابه، حتى مع أعدائه، كما أنه لا يكذب في مزاحه أبدًا.


الكرم

كان الكرم في رسول الله صلى الله عليه وسلم طبعًا أصيلًا غير مرتبط بجلب منفعة أو رد منقصة، ودليل ذلك ما ورد في الحديث النبوي: "كان النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أجْوَدَ النَّاسِ، وأَجْوَدُ ما يَكونُ في رَمَضَانَ، حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وكانَ جِبْرِيلُ عليه السَّلَامُ يَلْقَاهُ في كُلِّ لَيْلَةٍ مِن رَمَضَانَ، فيُدَارِسُهُ القُرْآنَ، فَلَرَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أجْوَدُ بالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ".[٣]


الصبر

تحمل النبي صلى الله عليه وسلم الأذى وصبر عليه في تبليغ رسالته على مدى ثلاثة وعشرين عامًا من قومه، وهذه صفة تحلى بها الرسل جميعًا من قبله في حمل رسالتهم وتبليغ دعوتهم.


العدل

فالنبي صلى الله عليه وسلم لا يظلم أحدًا أو يحبس عنه حقه، بل إنه يعدل ما بين الناس جميعًا كما أمر الله عز وجل، وفي السيرة مواقف عديدة في عدل النبي صلى الله عليه وسلم وأداء الحقوق لأهلها.


العفو والرحمة

قال الله عز وجل في وصف النبي صلى الله عليه وسلم "وماَ أرْسْلناكَ إلَّا رحمًة للْعاَلمين"،[٤] وفي ذلك دلالة على حرصه ورأفته بنا، فكم من أذى قابله النبي بعفو ومغفرة، فقد كان صلى الله عليه وسلم يعفو ويتجاوز عن ما هو أذى لنفسه ويدعو لقومه ويحرص عليهم ولا ينتصر لنفسه.


الشجاعة

فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يخشى في الله أحد، وكان يشارك في معظم الغزوات، وينظم الجيوش بنفسه، كما كان ذا قوة وبأس، وكان شجاعًا في جهره بالحق.


التواضع

رغم المكانة العظيمة التي خصّ بها الله عز وجل النبي صلى الله عليه وسلم وكرمه بها، إلا أنه كان متواضعًا لا يغير ذلك من نفسه شيء، فكان يقضي حاجته بنفسه، بل كان يقضي حاجات الناس ويمشي بها، ومن ألطف مظاهر تواضعه صلى الله عليه وسلم أنه كان يلاعب الأطفال ويلاطفهم. [٥]


إضاءة



لم يقرأ أحد في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، وعما مر به في إيصال دعوته لنا، إلا وسكن حب النبي في قلبه وبلغ مبلغًا عظيمًا؛ فالمحبة تسهل على المرء اتباع محبوبه، لذلك إن في اتباع النبي صلى الله عليه وسلم في معاملاته وعباداته وأخلاقه فضلًا عظيمًا يتمثل بالأجر المترتب على اتباعه وإحياء سنته بين الناس، وعلى التحلي بأخلاقه الحسنة كالصدق والكرم.





المراجع

  1. حسين حسينى معدى، كتاب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في عيون غربية منصفة، صفحة 221-231. بتصرّف.
  2. "أخلاق النبي محمد صلى الله عليه وسلم"، الألوكة الشرعية. بتصرّف.
  3. رواه البخاري، في صحيح البخاري، عن عبدالله بن عباس ، الصفحة أو الرقم:3554، صحيح.
  4. سورة الأنبياء، آية:107
  5. "كيف نقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم"، صيد الفوائد. بتصرّف.